يعترف الاحتلال يوميًا عن ما تركته معركة سيف القدس من أثر عميق وكبير في منظومة عمل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكيف تمكنت هذه المعركة من تغيير قواعد الاشتباك، وأرسلت مفاهيم جديدة قال عنها غالبية الكتاب والمحللين الصهاينة، إنها نموذج للفشل المتواصل لقيادة الاحتلال سياسيا وعسكريا، وذهب بعضهم أكثر من ذلك، حينما وصف أحدهم معركة سيف القدس بأنها بداية انكشاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية وإمكانية انهياريها في أي مواجهة لاحقا.
على مدار أربعة شهور متواصلة من إدارة التفاوض بين الاحتلال والمقاومة بأشكال عديدة ومختلفة، استطاعت فيها المقاومة أن تكسر قواعد أراد الاحتلال ترسيتها بعدم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل المعركة، وربط أي خطوات في التعامل مع غزة بملف الجنود، وهو ما تراجع عنه الاحتلال وعلى لسان رئيس الحكومة نفتح أمام تمسك المقاومة بمواقفها.
التأثير الذي أحدثته معركة سيف القدس في سياق ما بُني على مدار سنوات طويلة في غزة من مقاومة قوية متينة تدار باحترافية.
ولعل من المناسب ربط هذا بما كشفه الاحتلال الإسرائيلي عن عملية حد السيف التي وقعت شرق خانيونس في نوفمبر 2018 التي تركت تأثيرًا كبيرًا في نخبة الجيش الإسرائيلي حينما أراد التوغل في قطاع غزة للقيام بعمليته الأمنية التي كانت تستهدف قدرات المقاومة، وأفشلته في حينها بقيادة الشهيد القائد القسامي نور بركة، وهو من دعا الاحتلال الإسرائيلي أن يعيد كل سياساتها العسكرية والأمنية في التعامل مع قطاع غزة والإقرار لاحقا أنه عاجز عن التعامل مع قطاع غزة.
المواقف الإسرائيلية هذه لم تكن مجرد نزوة أو تغيير في الموقف سريعا، بل هي نتاج ما أحدثته عملية سيف القدس من تأثير مباشر في الجيش الإسرائيلي الذي ما زال يعاني حتى اليوم أعضاءُ الوحدة الخاصة الإسرائيلية أزماتٍ نفسية مثل لاحقا نتيجة تلك العملية، وهو أداة الانعكاس الذي أحدث نتائج معركة سيف القدس التي استطاعت أن تكوي الوعي الإسرائيلي فيما يتعلق بالثوابت الفلسطينية التي لا يمكن أن تُتجاوز، بل أكثر من ذلك أن ما أحدثته معركة سيف القدس أنها أشعلت جبهة الضفة الغربية التي اشتعلت خلال الأيام الأخيرة، وخاصة بعد عملية نفق الحرية، وما تبع ذلك من عمليات اشتباك متتالية في شمال الضفة الغربية، وتحديدا جنين، وظهور الخلايا الخاصة بالقسام في الضفة الغربية، وأثبت أن المقاومة في غزة وفي الضفة تعمل على مدار الساعة لتقوية حضورها ووجودها، وبناء قوة قادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويرجع الفضل في هذا إلى الإدارة الحكيمة لمعركة سيف القدس التي أرست قواعد جديدة في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي نحو الصراع حول القضايا الكبرى التي استطاعت أن تنقل الاحتلال الإسرائيلي من قضايا هامشية هنا وهناك إلى قلب الصراع المرتبط في العمل المقاوم وتهشيم صورة الاحتلال الإسرائيلي.