قائمة الموقع

"ودك الأنعام".. مشروع طموح لإنتاج السمن البلدي

2021-10-01T14:13:00+03:00
فلسطين أون لاين

قديمًا كانت الجدات بعد أن يخبزن الخبز على فرن الطين، يقمن بتسييح الشحم على نار الجمر الهادئة لنحو سبع ساعات، فيتحول إلى سمن حيواني صافٍ، يضفنه على المأكولات والحلويات ليكسبنها مذاقًا خياليًّا دون أن تشعر بحرقة في المريء أو في المعدة.

اليوم صارت النساء يستسهلن شراء علب السمن النباتي المهدرج والمكدسة على أرفف المحال التجارية وبأسعار لا ترهق الجيب، ولكنهن فقدن الطعم الأصيل وجلبن الأمراض لصحتهن وعائلاتهن.

كانت أمل بهجة تتنقل بين قنوات التلفاز يوم أنصتت لحديث طبيب على إحدى القنوات تحدث فيه عن فوائد تناول الدهن الحيواني لجسم الإنسان، لتأخذ الأمر على محمل الجد وتبحث عن دراسات وأبحاث علمية تثبت صحة قوله، وعلى عكس ما هو مشاع وما كانت تعرفه أن تناول الدهون "اللية" سبب لأمراض القلب والكولسترول والضغط.

تعمل "أمل" صيدلانية واختصاصية تغذية، وأحبت أن تعرف أكثر عن كيفية صناعة السمن من الشحوم الحيوانية، فلم تجد أفضل من الجدات لتسألهن كيف كن يحولنها إلى سمن قبل أن ينتشر السمن النباتي.

اهتدت اختصاصية التغذية إلى الطريقة، وبدأت بإعدادها في البيت لأبنائها، وتخلت عن الزيت والسمن النباتي، فجميع أفراد عائلتها شعروا بفارق كبير في طعم الأكل، وبدأت بنشر تجربتها على السيدات اللاتي يرتدين ناديًا رياضيًّا وتحثهن على تجربة صناعتها في البيوت لتساعدهن على خسارة الوزن، شارحة فوائدها الجمة للجسم.

صديقتها زوزو السلطان أرادت أن يكون لها مشروع ريادي يدر عليها دخلًا ماديًّا ترنو إلى استمراريته، فأوعزت الأمر إلى أمل التي استعرضت تجربتها في صناعة السمن الحيواني، لتجد زوزو ضالتها بعد أن تباحثتا في الفكرة ليولد "ودك الأنعام".

ثماني سنوات وأمل تصنع السمن، تذيب الشحوم والدهون الحيوانية على "بوتجاز" بيتها، أما زوزز فكانت تستخلص السمن على فرن الطين، فالعملية تستهلك كمية كبيرة من الغاز وتحتاج إلى ساعات طويلة من العمل، كما أن الدخان يضفي مذاقًا خاصًّا على السمن.

أصبحت الصديقتان تصطحبان عينات من السمن الذي صنعنه في البيت، ويقدمنه لمرتادات النادي مجانًا ليجربنه، شيئًا فشيئًا بدأ صيت السمن الذي يصنعانه يأخذ صدى واسعا ويشهد إقبالا منهن.

تقول زوزو لـ"فلسطين": "أمل دائما ما كانت تتحدث عن النعم المهدرة، وتعودنا التخلص من الدهن الموجود في اللحوم لأننا نسمع دائما أنها تجلب الأمراض، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ وأثبتت الدراسات العلمية عكس ذلك".

 

فوائد متعددة

وبقلب قوي تقدمت زوزو وأمل بمشروعهما إلى إحدى المؤسسات التي تدعم المشاريع الريادية وتمكنتا من منافسة 140 مشروعًا، وحصلن على تمويل بتوفير فرن ومفرمة للشحوم و"فريزر" لحفظ السمن.

والمتعارف عليه أن السمن يصنع من دهون الحيوانات، غير أن صاحبتي المشروع ذهبتا إلى أبعد من ذلك باستخدام دهون الدجاج والبط البلدي الذي لا يحقن بالهرمونات ويربى في البيوت، إضافة إلى شحوم ودهون البقر، والماعز، والخروف، والجمل أيضًا.

وما يميز "ودك الأنعام" أنه منتج طبيعي 100% بلا مواد حافظة، ولتعزيز الطعم أضافتا مذاقات مميزة كإكليل الجبل، وورق الغار.

وعن سبب اختيار اسم "ودك الأنعام" لمشروعهما، تذكر "زوزو" أنهما أرادتا اسمًا غريبًا يجذب الزبون إليه، فجاء الاقتراح من أمل بتسميته "ودك الأنعام" أي دسم اللحم ودهنه.

وبالعودة إلى اختصاصية التغذية تستعرض أمل فوائد السمن الحيواني، قائلة إنه يساعد على نزول الوزن إذا تم استخدامه مع نظام غذائي، ويقلل من مضار الزيت النباتي إذا أضيف عليه، لأن قدرته على الحرق أعلى، وخالٍ من العناصر الضارة، ووسط غني بفيتامين (د)، ويساعد الجسم على امتصاصه أيضًا.

وتستشهد أمل بدراسة نشرت عنها هيئة الإذاعة البريطانية عام 2015 تفيد بأن أفضل الدهون الحيوانات هي الأفضل للطهي، ذلك أن نقطة احتراقها عالية ومن ثم فإن استخدامها في الطهي لمدة طويلة لن ينتج عنه مركبات ضارة.

وتتطلع صاحبتا المشروع إلى حصول "ودك الأنعام" على ترخيص من وزارة الاقتصاد الوطني، لتتمكنا من تسويقه في المحلات التجارية، ليكن في متناول الجميع.




اخبار ذات صلة