استيقظت فلسطين فجر الأحد الماضي على خبر استشهاد خمسة من الثوار الأبطال، في اشتباكات مسلحة دارت بين مقاومين فلسطينيين وجيش الاحتلال الصهيوني في مدينتي القدس وجنين المحتلتين، وأدت تلك الاشتباكات إلى إصابة اثنين من جنود الاحتلال، أحدهما ضابط أصيب بجراح خطرة.
تؤكد تلك الاشتباكات من جديد فشل الاحتلال في استئصال جذور المقاومة الفلسطينية، وإطفاء جذوة الدفاع عن الأرض التي ما زالت تتوارثها الأجيال الفلسطينية جيلًا بعد جيل، رغم مرور ثلاث وسبعين سنة على تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وإقامة كيان الاحتلال.
يدرك الاحتلال أهمية العمق الإستراتيجي للضفة المحتلة في الصراع، والمخاطر الكبيرة التي تهدد كيان الاحتلال ومشروعه الاستيطاني في حال نجحت المقاومة بإعادة بناء كينونتها التنظيمية في الضفة، لذلك هو يعتمد إستراتيجية "جز العشب" في محاولة مستميتة لتفكيك خلايا المقاومة في الضفة والقضاء عليها قبل تمكنها من القيام بعمليات عسكرية ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه.
ما أعلنه الاحتلال أن شهداء المقاومة الذين ارتقوا في القدس وجنين كانوا يخططون لعمليات أسر لجنود الاحتلال بهدف مبادلة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بهم، وعمليات عسكرية تهز كيان الاحتلال؛ يشير بوضوح إلى فشل سياسات الاحتلال في احتواء المشهد الميداني بالضفة، وما تصاعد عمليات المقاومة ضد جنود الاحتلال، لا سيما إطلاق النار المتكرر من أبطال المقاومة تجاه حاجز الجلمة الاحتلالي في جنين، وأخيرًا تجاه المستوطنين المقتحمين قبر يوسف وسط نابلس؛ إلا شاهد على أن المقاومة في الضفة قد شبت عن الطوق، وأن الضفة ربما تكون على مشارف انطلاق انتفاضة جديدة في مواجهة الاحتلال.
ارتقاء الشهداء الأبطال من كتائب القسام وسرايا القدس في الاشتباكات الأخيرة يبرهن على تمسك أبطال الضفة بخيار المقاومة، ويؤكد وحدة الدم والمصير لجميع الشباب المقاومين في الضفة، وهي رسالة مخضبة بالدماء لجميع أبناء شعبنا بأنه لا تحرير دون تضحيات، كما يؤكد استعداد فصائل المقاومة لبذل الأرواح والدماء من خيرة أبنائها في سبيل الدفاع عن فلسطين.
الاشتباكات الأخيرة وما تبعها من عمليات إطلاق الرصاص على جيش الاحتلال في جنين ونابلس تؤكد للجميع أن الضفة ما زالت زاخرة بالأبطال، وأن زمن استباحتها ولّى وأدبر، وأن ثائريها باتت أيديهم ضاغطة على الزناد.
ونحن نفخر بارتقاء الشهداء الأبطال لا نستطيع غض الطرف عن الدور السلبي للسلطة الفلسطينية في الدفاع عن الضفة المحتلة، في مواجهة جيش الاحتلال الذي قتل في الضفة منذ مطلع عام 2021 اثنين وسبعين شهيدًا، ويتعمد اقتحام المدن واعتقال الفلسطينيين على مدار الساعة، وهي التي تمتلك أكثر من 65 ألف مسلح من أفراد الأجهزة الأمنية، الذين أضحى دور كثيرين منهم تحت شعار "التنسيق الأمني" ملاحقة أنصار المقاومة وتوفير المعلومات الأمنية الدقيقة لجيش الاحتلال، ما يعينه على مباغتة الثائرين في الضفة والقدس بهدف اعتقالهم وتصفيتهم.
نترحم على أرواح أبطال الضفة والقدس من الثائرين ونحن على قناعة تامة بأن قيادة المقاومة في غزة حاضرة في المشهد المقاوِم تنافح عن أبناء الضفة، وتواجه المحتل وأذنابه في مختلف ميادين المواجهة، وتوفر الإسناد المعنوي والمادي لأبطال الضفة وأحرارها، وعزاؤنا أن الثائر الذي يمضي شهيدًا يخلفه من أبناء شعبنا ألف من الثوار القادمين.