خلص تقرير نشره الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، إلى أنّ الإعلام الفلسطيني الرسمي يخضع لهيمنة سياسية من قبل النظام السياسي أثّرت بشكل عميق في توجّهاته وسياساته التحريرية؛ ما جعله يفشل في الوقوف على مسافة واحدة من السلطة والمعارضة، بل عمل على ترويج وترسيخ رواية الحكومة والحزب الحاكم.
جاء ذلك في ورقة علمية أعدّها الدكتور معز كراجة تحت عنوان "إدارة الإعلام الرسمي وعلاقته بنزاهة الحكم" ضمن مؤتمر "أمان السنوي" الذي يحمل عنوان "التجربة الفلسطينية في نزاهة الحكم ومكافحة الفساد السياسي".
وبيّن التقرير أنّ معالجة الإعلام الرسمي -في ظل هيمنة حركة "فتح" عليه- وتعاطيه لقضايا المجتمع ما تزال بعيدة عن كونه "إعلامًا عموميًا يمثّل الدولة والمجتمع بموضوعية"، معتبرًا أنّه فشل في الوقوف على مسافة واحدة من مختلف مكونات المجتمع، ومن السلطة والمعارضة، ومن السلطة والمجتمع، بما يمكنه من التعبير النزيه والشفاف عن ذلك التنوع والتباينات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع الفلسطيني.
وذكر أنّ الإعلام الرسمي عمل على ترويج وترسيخ رواية واحدة هي رواية الحكومة وحزب الحاكم، وبالتالي فقد تخلى ضمنيًا عن مسؤوليته الحيوية والمتمثلة في ضرورة مراقبة عمل مؤسسات القطاع العام وتصويبها.
وأضاف "وارتباطا بغياب دوره الرقابي، فشل هذا الإعلام في ضمان تدفق المعلومات بين النظام السياسي والمجتمع بما يحقق المكاشفة بين الطرفين ويسمح للمواطن تحديدًا بالاطلاع ومعرفة ما يدور داخل مؤسساته الرسمية وما يتخذ فيها من قرارات وما يرسم من سياسا".
وخلصت الورقة إلى أنّ الإعلام الرسمي عمل على نقل ونشر المعلومات باتجاه واحد "من النظام السياسي إلى المواطن، دون العمل على نقدها والتحقق منها، ودون نقل الأصوات النقدية والمعارضة لذلك النظام"، مؤكّدة أنّه لم يعكس التنوّع والتباين داخل المجتمع ولم يتح المساحة الموضوعية اللازمة للنقاش والجدل المجتمعي، بل كان "جزءًا من حالة الاستقطاب الحاد التي سادت خاصة حول قضايا الرأي العام التي تناولها هذا التقرير".
وأكّدت أنّ هذه النواقص والثغرات والتجاوزات في عمل الإعلام العمومي وعلاقته بالمجتمع لم تأتِ بشكل عرضي أو نتيجة ضعف مهني "بقدر ما هي نتاج نزعة النظام السياسي بالهيمنة على المؤسسة الإعلامية العمومية وتسخيرها لخدمته".
نتيجة لذلك، خلص التقرير إلى أنّ الإعلام الرسمي الفلسطيني "لا يحمل في جوهره ومضمون عمله صفة "العمومي"، وهو بحاجة لتدابير حتى يكتسب هذه الصفة من جهة، وحتى يأخذ دوره في تعزيز نزاهة الحكم"، مبيّنة أنّ من أهمّ هذه التدابير ضمانة استقلاليته المالية والإدارية.
وشدّد على ضرورة أن يرتكز اختيار أصحاب الوظائف العليا في الإعلام العمومي على "الكفاءة المهنية بغضّ النظر عن الانتماءات السياسية والأيديولوجية، بل يجب تطوير أدوات رقابية داخلية تضمن الفصل بين المواقف السياسية والخلفيات الايديولوجية للعاملين في الإعلام العمومي بمختلف مستوياتهم الوظيفية وبين مواقفهم السياسية وانتماءاتهم الأيديولوجية".
كما أكّدت على وجوب ضمان "حق المؤسسات الإعلامية في الحصول على المعلومة، رسمية كانت أو خاصة؛ لأنّ ضمان توفير المعلومة هو مرتكز رئيسي لضمان المكاشفة بين المواطن ونظامه السياسي، ولبناء علاقة بينهما قائمة على المعرفة الصحيحة بعيدًا عن التضليل".
لتحميل وقراءة الورقة العلمية كاملة اضغط هنا