جرت العادة أن يكون منبر الأمم المتحدة فرصة للشعوب أن تطرح رؤيتها للمرحلة القادمة، وتوصل رسالتها إلى العالم، حتى ولو كانت على البعد الإعلامي والجماهيري، وتستغله بعض الدول لطرح قضاياها، فمنهم من يتفاخر بما حقق من إنجازات، وبعضهم يطرح حلولًا للمشكلات والقضايا الدولية.
على صعيدنا الفلسطيني تراجع الخطاب الفلسطيني في الأمم المتحدة تراجعًا حادًا، في التعبير عن الحالة الفلسطينية التي يقودها رئيس السلطة محمود عباس الذي يخطب مجددًا في الأمم المتحدة، فيه من الاستجداء والاستسلام، والتذلل للاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة، وكما كل عام خلال العقد الأخير وحيدًا دون برنامج وطني يستند إليه في خطابه، ويرتكز على الحق الفلسطيني، وتجنيد ما يستطيع من عناصر القوة للتلويح بها أمام العالم.
الخطاب حمل ثلاثة مواقف لا تعبّر عن السقف الأدنى للحقوق الفلسطينية، من خلال استجداء الإسرائيلي للتفاوض والتسوية واللقاءات كما حدث مع وزير الجيش غانتس الذي لم ينتج عنه شيء، بل استُغلَّ إسرائيليًا في مزيد من الاستيطان والإغلاقات والحصار.
وعلى صعيد الخطاب الدولي، لم يرتقِ لتضحيات شعبنا الفلسطيني وآخرها معركة سيف القدس التي تمكّن فيها شعبنا الفلسطيني من هزيمة الاحتلال وإفشال مخططاته، وتقديم عنوان للنضال الفلسطيني عبر الدفاع عن المسجد الأقصى والتصدي لمحاولات التهجير التي حاول الاحتلال تنفيذها في الشيخ جراح وسلوان وغيرها.
ومواصلة تغييب المقاومة المسلحة والشعبية كحق لشعبنا الفلسطيني في الخطاب الرسمي، على الرغم من الدعم الشعبي الذي تلقاه القضية الفلسطينية نتاج معركة سيف القدس.
وفي المستوى الثالث يلقي عباس خطابه دون شرعية وطنية حقيقية بعد أن ألغى الانتخابات مايو الماضي، ودمّر النظام السياسي الفلسطيني عبر تعطيل المجلس التشريعي والاستفراد بالقضاء، وانتهاكات حقوق الانسان من اغتيالات كما هو الحال في اغتيال المعارض نزار بنات، ومئات الاعتقالات السياسية، والاعتداء بالضرب والسحل للمعارضين وسط رام الله.
نظرة على نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز الدراسات المسحية، تدرك حالة الغضب الشعبي ضد عباس وسياساته.
أظهر الاستطلاع أن 78٪ من الفلسطينيين يريدون أن يستقيل عباس و19٪ فقط يعتقدون أنه يجب أن يظل في منصبه.
في حين يرى أن 45٪ من الفلسطينيين يعتقدون أن حماس يجب أن تقودهم وتمثلهم، بينما قال 19٪ فقط: إن حركة فتح التي يتزعمها عباس تستحق هذا الدور.
خطاب عباس يمثل 19% من شعبنا، وهم المستفيدون منه والمقربون له وعناصر القمع التابعة له، في حين أن 81% لا يريدونه ويرغبون في رحيله، والأهم هل سنشهد غيابه العام القادم عن منبر الأمم المتحدة، سواء برحيله عبر التدخل الإلهي، أم استقالته، أو حدوث تحوُّل في النظام السياسي الفلسطيني لصالح 81% من الشعب الفلسطيني.