رغم حالة الرفض الحقوقي والغضب الشعبي والفصائلي من إجراء الانتخابات القروية الجزئية، يتعمد رئيس السلطة محمود عباس وحكومته إجراءها بعيدًا عن التوافق بين مكونات المجتمع.
وتشمل الانتخابات القادمة المقرر عقدها يوم 11 ديسمبر القادم، المجالس القروية المصنفة "ج" في حين تغافلت قيادة السلطة عن المطالب الحقوقية والوطنية والجماهيرية بإجراء انتخابات عامة، خشية "الهزيمة الكبيرة".
وأقدم عباس في نهاية إبريل الماضي على خطوة فردية بتأجيل الانتخابات الفلسطينية دون المشاورات الوطنية.
وبحسب مرسوم رئاسي، كان من المقرر أن تجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل في العام الجاري: تشريعية (برلمانية) في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب.
تعزيز للانقسام
وعدَّ رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي، إجراء الانتخابات القروية الجزئية دون توافق وطني، تعزيزًا للانقسام، وتعميقًا لأزمة النظام السياسي الفلسطيني.
وأوضح عبد العاطي لصحيفة "فلسطين" أن إجراء الانتخابات القروية الجزئية دون توافق يطرح الشكوك حول دوافع إجرائها ويبقي الأبواب لإمكانية تعطيلها أو تأجيلها كما جرى مع الانتخابات العامة والانتخابات النقابية والهيئات المحلية.
وشدد على ضرورة وجود حوار وطني ومجتمعي قبل إجراء الانتخابات المحلية، يحدد المبادئ والمرتكزات والضمانات لإجراء الانتخابات بالتزامن في مختلف المواقع.
وأكد ضرورة إجراء انتخابات شاملة ومتزامنة رئاسية وتشريعية والمجلس الوطني والهيئات المحلية والنقابات ومجالس الطلبة وذلك في إطار القانون والأنظمة مع ضمان توفير أجواء للحريات العامة.
ولفت عبد العاطي إلى ضرورة التوافق على تشكيل محكمة الانتخابات من مجموعة من القضاة المستقلين بما يضمن استقلاليتها وعملها بمعزل عن أي تأثيرات حزبية.
3 رسائل
واتفق عضو التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني عمر عساف، مع سابقه، بأن إجراء هذه الانتخابات بمنزلة التفاف على القانون الفلسطيني بشكل أساسي، وقانون تنظيم الانتخابات، وهرب من الاستحقاق الرئيس (الانتخابات الشاملة).
وذكر عساف لصحيفة "فلسطين" أن هناك عدة رسائل من وراء إجراء انتخابات قروية جزئية في هذا التوقيت، وهي: خطوة انتقائية، ومحاولة لتكريس هيمنة الحزب الواحد عدا عن محاولة من السلطة لـ"جس نبض" الشارع تجاهها.
وشدد على دور القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي، بضرورة مقاطعة الانتخابات وتوجيه دعوة للشارع بمقاطعتها لكونها مخالفة للقانون.
وحذر في الوقت ذاته، من التبيان في بعض مواقف القوى الوطنية من إجراء انتخابات الانتخابات القروية الجزئية.
وتعقيبًا على ذلك، أكد البروفيسور عماد البرغوثي، أن إجراء السلطة لانتخابات بلدية في مناطق "ج" خطوة مجتزأة وانتقائية وغير شاملة لكل القرى والمدن الفلسطينية، وهو أمر "غريب فظيع وشنيع".
وقال البرغوثي لصحيفة "فلسطين": هذه الانتخابات يجب أن تجري في جميع القرى والمدن الفلسطينية دون تجزئة.
واستدرك: "إن حدث هذا الأمر واختار المواطنون من يمثلهم فلن يستطيعوا فعل شيء؛ لأنهم سيكونون تحت مسؤولية وزير الداخلية ووزير الحكم المحلي".
وأضاف: الأصل أن تكون هذه الانتخابات على مستوى الوطن للمجلس التشريعي والمجلس الوطني والرئاسة، وهنا يكون الشعب اختار ممثليه.
وذكر البرغوثي أن الخطوة القادمة تكون بالذهاب لانتخابات البلدية في المدن والقرى الفلسطينية والتي بالطبع ستكون مرجعيتها النخب السياسية التي اختارها الشعب الفلسطيني في الانتخابات الشاملة.
وكان تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية" حذر من تبعات إجراء الانتخابات القروية الجزئية.
وقال "حرية": إن القرار يعزز ويكرس الانقسام، ويفرض حالة هيمنة وتفرد بالقرار دون الاجماع الوطني ويعد التفافًا على الديمقراطية وقرارًا انفراديًّا لا يراعي فيه المصلحة الوطنية لإجراء انتخابات شاملة في الأراضي الفلسطينية "رئاسية وتشريعية ومجلس وطني".
وختم أن الدعوة إلى إجراء انتخابات محلية في هذا الوقت هو قرار سياسي لا يراعي إلا المصالح الحزبية، والتفاف على المجتمع الدولي للإيحاء بوجود عملية ديمقراطية، "لكن في الحقيقة خلاف ذلك".