لا ينام أعداء الشعب الفلسطيني على آذانهم، ولا يغفلون، فأي تلكؤ أو تهاون أو سهو سيكلفهم وجودهم، لذلك فالعدو يقظ على مدار الحدث، ويفكر للمستقبل بشكل استراتيجي، ولا سيما بعد حدثي نفق الحرية ومعركة سيف القدس، اللذين عصفا بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وأربكا حسابات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تفاجأت من حجم الدعم الجماهيري الكاسح للأسرى المحررين، ومن تنامي الشعور الوطني المتعاطف مع المقاومة.
أعداء الشعب الفلسطيني يلتقون سرًّا وعلانية، وينسقون خطوات عمل مشتركة، تهدف إلى امتصاص غضب الجماهير، ومحاصرة الحراك الفلسطيني الرافض للاحتلال من جهة، والرافض للتعاون الأمني مع الاحتلال، كما أظهر ذلك استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، إذ أيد 80% من الشعب الفلسطيني إزاحة محمود عباس عن الرئاسة، وهذه نسبة كراهية غير مسبوقة لأي رئيس على مستوى العالم.
أعداء الشعب الفلسطيني خائفون، لذلك يلتقون، ويخططون لكيفية تضييق الخناق على أي حراك ثوري، قد يأخذ الضفة الغربية إلى الانفجار الكبير، في محاكاة للتحرر الكبير الذي حققه ستة أسرى سحقوا الجدار، ونبتوا كالحنون في طرقات الوطن، من هنا فإن التنسيق والتعاون الأمني سيصل بالطرفين المتعاونين إلى الخطوات الآتية:
أولًا- فيما يخص الطرف الفلسطيني:
التصعيد في الخطاب الإعلامي، وركوب موجة المسيرات والمظاهرات، وإطلاق العنان للتصريحات النارية عن تعدد الخيارات، وأن لا سلام إلا بتحرير الأسرى، وأن الأسرى خط أحمر، والهدف من ذلك خداع البسطاء، والإيحاء بأن السلطة هي الحريصة على الشعب!
القيام بمسيرات جماهيرية داخل المدن، شرط ألا تحتك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وألا تقترب من الحواجز العسكرية.
إطلاق النار المدروس والمخطط على بعض المواقع الإسرائيلية، دون وقوع أي إصابات في صفوف جيش الاحتلال، والهدف من ذلك هو الاستعراض، وتشكيل حائط سد في وجه المقاومة الحقيقية للاحتلال.
قد تلجأ السلطة الفلسطينية إلى إطلاق سراح بعض المعتقلين لديها من تنظيمات المعارضة، لإيهام الجماهير بأن مرحلة جديد قد بدأت من مواجهة الاحتلال.
افتعال الخلافات العائلية والعشائرية والتنظيمية، بهدف إلهاء الشارع الفلسطيني بنفسه، بعيدًا عن الاهتمام بالقضايا الوطنية.
التلكؤ في دفع رواتب الموظفين، وهذه رسالة تهديد لكل من يفكر في مقاومة الاحتلال، فالنتيجة هي الجوع والحصار.
الادعاء بوقف التنسيق والتعاون الأمني، ولو لفترة محدودة، وبشكل إعلامي، كما حدث بتاريخ 25/7/2019 حين اقترن تعليق العمل بالاتفاقيات الموقعة بقطع الرواتب.
إلهاء الشارع بانتخابات المجالس المحلية، للتهرب من استحقاق الانتخابات العامة.
القيام ببعض الاتصالات واللقاءات مع قيادات إسرائيلية، توحي بالتقدم في مسار المفاوضات.
ثانيًا- فيما يخص الطرف الإسرائيلي:
تلميع شخصية محمود عباس، وذلك بتصعيد الهجمة الإعلامية الإسرائيلية ضده، واتهامه بالسعي إلى تدمير (إسرائيل)، وأنه حجر العثرة في وجه الاستيطان، وهو الذي يسعى إلى تقويض الوجود الإسرائيلي في المنطقة.
الدعم المالي للسلطة بشكل مباشر، وعلى هيئة قروض، أو من خلال المانحين.
تحسين الوضع الاقتصادي لسكان الضفة الغربية، وذلك من خلال زيادة عدد العمال في المصانع والمزارع الإسرائيلية، وتسهيل حركة العمال عبر الحواجز.
تقوية السلطة الفلسطينية، وتجهيزها بمعدات عسكرية متطورة، لقمع أي حراك شعبي.
التوقف عن اقتحام المدن الفلسطينية، ولو مؤقتًا، وإسناد هذه المهمة إلى الأجهزة الأمنية.
تقليل حركات الاستفزاز من المستوطنين، وتقليص اقتحامات المسجد الأقصى.
زيادة نفوذ السلطة قليلًا في منطقة ج، والسماح ببعض المشاريع، وبعض المباني.
إمكانية تسليم السلطة جثامين بعض الفلسطينيين المحتجزة لدى الاحتلال.
المبادرة الإسرائيلية بإطلاق سراح مئات الأسرى ذوي الأحكام الخفيفة.
ما سبق من خطوات تنسيقية تهدف إلى الالتفاف على الغضب الشعبي المتفجر على أرض الضفة الغربية.
لتبقى مهمة الشعب الفلسطيني الانتباه لما سيطفئ نار الغضب، وتبقى مهمة التنظيمات الفلسطينية أن تأخذ بيد الشعب إلى ميادين الفعل الجدي المقاوم للاحتلال.