فلسطين أون لاين

ثلة من المتنفذين يتحكمون في المفاصل المالية

تقرير اقتصاديون: الفساد ينخر في أركان مؤسسات السلطة وتجاهل لمطالب الإصلاح

...
سلطة النقد الفلسطينية (أرشيف)
غزة/ رامي رمانة:

بأشكال مختلفة ينخر الفساد أركان مؤسسات السلطة في رام الله، وسط تغييب قسري لمراقبة المجلس التشريعي، وتجاهل لمطالب المجتمع المدني.

ويرى مراقبون اقتصاديون أن المحسوبية في عنصر التوظيف، والإنفاق المرتفع على مكتب رئاسة السلطة والسفارات، والمحاباة في توزيع المناقصات والعطاءات، وحرمان قطاع غزة الإنفاقَ السنوي، أكثر أشكال الفساد فتكاً بالمال العام، وأن ثلة من المتنفذين في السلطة يتحكمون في المفاصل الرئيسة.

وأكد الاختصاصي الاقتصادي د. نائل موسى أن السلطة تفتقر إلى التخطيط والإدارة السليمة في إدارة المال العام، في ظل محدودية الموارد، وهو ما أحدث تشوهاً في الهيكلية الإدارية والمالية لمؤسساتها.

وبين موسى في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن التخبط في إدارة المال العام، نتج عنه ارتفاع في حجم المديونية العامة، منبهاً إلى أن زيادة الدين عن الحد المتعارف عليه، يحرم المواطنين الاستفادةَ من الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية والتوظيف.

ووفق أرقام الدين العام الصادرة عن وزارة المالية برام الله، بلغ الدين العام ( 4.6) مليارات دولار، بما لا يشمل المتأخرات المتراكمة على الحكومة.

وأكد موسى أن عدم إتاحة البيانات المالية العامة تجاوز للقانون، ولا يساعد في تقديم أي تفسير للسلوك الاقتصادي في الدولة أو توجيه الانتقاد.

وأشار إلى وجود قانون ينص صراحة على إتاحة البيانات العامة أمام الجميع، غير أن تنفيذ القانون محدود جداً، وفي مواطن لا تشكل أهمية للمتنفذين في السلطة.

وبين موسى أن أكثر البيانات التي يُجرى حولها تعتيم هي المتعلقة بالنفقات الحكومية وتوزيعاتها وعلى وجه الخصوص ما ينفقه مكتب رئيس السلطة، وجهاز المخابرات العامة، والسفارات في الخارج.

ولفت إلى أن مؤسسات المجتمع المدني تحاول أن تنوب عن المجلس التشريعي- المغيب- في الرقابة على المؤسسات الرسمية، لكن يبقى أداؤها محدوداً.

وأوضح التقرير السنوي الثالث عشر للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان أن من بين أسباب تراجع نزاهة الحكم لدى السلطة عدم الإفصاح عن موارد وممتلكات السياسيين المعرضين للفساد، وضعف السياسات المتعلقة بتخصيص وإدارة موارد الدولة، بما في ذلك عدم إصدار قانون المنافسة ومنع الاحتكارات.

ولفت إلى أن السلطة لم تطبق استراتيجية إدارة المال العام وفق المخطط، ولم تنشر تفاصيل موازنة الطوارئ التي أُعلن عنها ونُشر قانونها في الجريدة الرسمية، وهو ما حال دون إمكانية إجراء تحليل المرتكزات الاقتصادية والمالية التي تم الاعتماد عليها في تحديد أسقف الإنفاق وأولوياته.

وأكد التقرير أن جهود مكافحة جريمة غسل الأموال في فلسطين ما زالت غير واضحة، بسبب تكتم اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال على أعمالها، وعدم نشر أي تقارير أو معطيات أو إحصائيات ذات دلالة، حول حجم تفشي هذه الجريمة والأموال المتحصلة منها.

وذكر أن الحكومة برام الله امتنعت عن الإفصاح ونشر وثائق منتدى غاز شرق المتوسط، مع استمرار التراجع في شفافية الموازنة العامة، وعدم إصدار وزارة المالية الحساب الختامي وفقًا للمدة الزمنية القانونية.

من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر، أن السلطة تتجاهل كل النداءات والمطالبات من الفصائل ومؤسسات المجتمع المدني بضرورة العمل على الحد من ظاهرة الفساد المستشري فيها، حيث تنفرد ثلة من القيادات المتنفذة في مفاصل المؤسسات المالية والاقتصادية لمناطق السلطة الفلسطينية.

وبين أبو عامر لصحيفة "فلسطين" أن غياب الرقابة والمساءلة أدى إلى إفراط كبير في اعتماد السلطة على القروض المحلية والخارجية بنسبة تجاوزت الحد المسموح، وهي 40٪ من الناتج المحلي.

وعدد أبو عامر أشكال الفساد الموجودة في مؤسسات السلطة، منها المحسوبية في عنصر التوظيف التي تعتمد على المحسوبية والولاء دون النظر إلى بعد الكفاءة والأحقية في الوظيفة من المناسبين، والشكل الثاني المحاباة في توزيع المناقصات والعطاءات للمشاريع للقيادات المتنفذة، والشكل الثالث هدر المال العام في مؤسسات أهلية مرجعيتها السلطة، حيث يتم تشكيل مجالس لإدارات مؤسسات يتلقى القائمون عليها رواتب عالية لا تتناسب مع مستوى الدخل، إضافة إلى التجاوزات في ملف التحصيل الضريبي الذي يكلف خزينة السلطة سنويا قرابة 300 مليون شيقل، وغياب مرجعيات رقابية كالمجلس التشريعي وديوان الرقابة المالية والإدارية والاستعاضة عنها بمحاكم وقضاة محسوبين على قيادة السلطة.

وأشار إلى ظاهرة التضخم في ملف وظائف المدنيين والعسكريين الذين يستحوذون على الجزء الأكبر من ميزانية الرواتب.