"من التطبيع فصاعداً ليس أمامنا سوى الخسائر"، بهذه الجملة اختار رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع د. أحمد ويحمان أن يعقّب على تطبيع بلاده مع الاحتلال الإسرائيلي.
تعقيب "ويحمان" يأتي بالتزامن مع مرور عامٍ على توقيع اتفاقية التطبيع المعروفة باسم "أبراهام" في الخامس عشر من أيلول العام الماضي، بين الاحتلال الإسرائيلي من جهة ودولتي الإمارات والبحرين من جهة أخرى، وبرعاية أمريكية.
ويهدف الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه الاتفاقيات بحسب العديد من محلليه السياسيين، إلى الانطلاق نحو تطبيع مع دول عربية وإسلامية أخرى، وفي مقدمتها السعودية، بغية تشكيل حلف استراتيجي جديد مُوالٍ لأمريكا بالشرق الأوسط، وذلك لمواجهة إيران، وأيضا من أجل الإثبات للعالم بأن الاحتلال الإسرائيلي ليس بحاجة لإنهاء الصراع مع الفلسطينيين من أجل تحسين علاقاته مع دول عربية وإسلامية.
ويؤيد ذلك التحليل تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة الماضية، الذي دعا فيه دولاً عربية أخرى إلى الاعتراف بـ(إسرائيل)، في أثناء لقائه بنظرائه الإماراتي والبحريني والمغربي والإسرائيلي في لقاء إلكتروني في الذكرى السنوية الأولى لاتفاقات التطبيع التي أبرمتها الدول العربية الثلاث مع الدولة العبرية، والتي توسطت فيها واشنطن وفتحت باب التقارب العلني بين (إسرائيل) وعدة دول عربية.
ويخدم كل ذلك الاحتلال الإسرائيلي بدرجة رئيسة، وهو ما أكده الأكاديمي في جامعة بيت لحم البروفيسور مازن قُمصية بأن هذه الاتفاقات هي بمنزلة درع حماية للمشروع الإسرائيلي، وهي ليست وليدة اليوم أو العام، لكنّها أُخرجت لسطح الطاولة بعد أن كانت من أسفلها.
ويضيف في حديثه لـ"فلسطين" أن من الأهداف الرئيسة لاتفاقات التطبيع هو مساعدة النظام الإسرائيلي في التحكم باقتصاد العالم، وكان لا بد من توقيعها وتقديم العديد من الخدمات الاستخباراتية للاحتلال، ثم يدفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه المؤامرات كما كان يدفعها على مر السنين.
ويستطرد بأن القضية الفلسطينية بقيت، وستبقى صامدة كما هي بتأييد ملايين الأحرار حول العالم، وعلى مر العصور، فمنذ عام 1880 اندلعت في أرض فلسطين قرابة 14 انتفاضة، بما يعني أن انتفاضة كل 10 أعوام تدافع عن حقوق أصحاب الأرض في وجه الاستعمار والاحتلال.
تزايد الدعم الشعبي
وعن دور حملات المقاطعة الدولية في التصدي لمثل هذه الاتفاقات، قال عضو اللجنة التوجيهية في حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ(إسرائيل) حيدر عيد: إن التأثير الجماهيري والدعم الشعبي يزداد يومياً بالتوازي مع زيادة الحراك للتطبيع مع دول أخرى.
وأضاف عيد خلال حديثه لـ "فلسطين" أن الأمر تجاوز ما يمكن وصفه بالتطبيع إلى مستويات ترتقي لمعنى الخيانة، فهو "تتبيع وليس تطبيع"، وهرولة بعض الأنظمة العربية للصعود في هذا القطار ينبع من خوفها على خسارة كراسيِّها، في ظل انتشار ثقافة التغيير أو ما تعرف بثورات الربيع العربي، فالأنظمة تقرر اللجوء لحماية الاحتلال الذي يعادي أي حراك ديمقراطي.
لكن النبض الحر ما يزال يدب في عروق الشعوب، وقد استشهد عيد بـالالتفاف الشعبي حول الخيار الرافض لاتفاقيات التطبيع، وليس بعيداً ما حصل برئيس الوزراء المغربي السابق، سعد الدين العثماني الذي وقع اتفاقية التطبيع بين المغرب والاحتلال في ديسمبر كانون الأول من العام الماضي، الأمر الذي انعكس سلبيًّا عليه وعلى حزبه؛ ما أدى لخسارته مقعده في مجلس النواب وحزبه لباقي المقاعد.
محاولات تطويع العقل العربي لاعتياد وجود الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، ستبوء بالفشل، لكون الشعوب الحيّة تعرف أن هذه الاتفاقيات ما هي إلا مشروع صهيوني أمريكي بامتياز، تهدف إلى الانفتاح والتطبيع الإقليمي مع الاحتلال، ودمجه في المنطقة.