تمر علينا هذه الأيام ذكرى انسحاب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة صاغرًا بعد ضربات المقاومة التي جعلت بقاءه في القطاع مكلفًا له على صعيد الأرواح والمعدات، حيث عجز الاحتلال عن توفير الأمن لجنوده ومستوطنيه؛ فلم يعد أمامه إلا الرحيل بعد تفكيك مستوطناته التي ابتلعت خيرة الأراضي في القطاع.
تمر ذكرى الانسحاب والعيون تنظر إلى ما يجري في الضفة الفلسطينية المحتلة من هجمة غير مسبوقة تقوم بها قوات الاحتلال ضد أهلنا ومقاومتنا، في محاولة لمنع تكرار ما جرى في غزة، خاصة أن الضفة المحتلة باتت تقف على برميل بارود سينفجر في وجه الاحتلال المسئول الأول عن معاناة المواطنين هناك.
وما يدمي القلب حقيقة مستوى الانحدار الذي وصلت إليه أجهزة التنسيق الأمني التي باتت تنسق مع قوات الاحتلال الصهيوني بشكل فاضح لم نشهد له مثيلًا، وهذا يذكرنا بما فعلته هذه الأجهزة في أثناء سيطرتها على قطاع غزة بعد قيام السلطة الفلسطينية في إثر اتفاق أوسلو في عام 1993م.
ويبقى سؤال قائمًا في هذا الجانب، وهو: ما هدف هذه الحملة التي تقوم بها تلك الأجهزة بالتعاون والتنسيق الكامل مع قوات الاحتلال ضد حركة حماس وفصائل المقاومة؟ من الوهلة الأولى كما يصرح بعض قادة أجهزة الأمن في الضفة أنهم يسعون إلى القضاء على حركة حماس وإنهاء وجودها في الضفة، بعد حظرها قانونيًّا، إذ بدأت الحملة بالسيطرة القهرية على المجالس والبلديات التي فازت بها حركة حماس، وإغلاق الجمعيات والمؤسسات الإسلامية جمعيات الإغاثة وجمعيات رعاية الأيتام والفقراء، حتى مؤسسات تعليم أحكام القرآن الكريم، والمؤسسات التعليمية المتنوعة.
ثم اعتقال القائمين عليها، واعتقال المئات من أئمة وخطباء المساجد، ومدرسي الجامعات والطلبة، وغيرهم من المناصرين لحركة حماس، ثم فصل المئات من الموظفين في مختلف الدوائر الحكومية بحجة تأييدهم للحركة، فضلًا عن التعذيب الذي يمارس بحق هؤلاء المجاهدين والمناضلين دون أي جريمة اقترفوها ضد السلطة أو أجهزتها في الضفة، حتى تطور الأمر بعد ذلك ليصل إلى اعتقال النساء وتعذيبهن داخل أقبية التحقيق.
إن هذه الأفعال والممارسات التي تقوم بها تلك الأجهزة لا يمكن أن تصل إلا إلى شيء واحد فقط، وهو إنهاء وجود هذه الأجهزة وسلطتها على الضفة الغربية، وفي المقابل تزايد شعبية وجماهيرية حركة حماس، وهذا ما صرح به بعض العقلاء من قادة حركة فتح حينما أكدوا أن ما تقوم به هذه الأجهزة تحت رعاية ووصاية إسرائيلية لهو أمر يسيء لحركة فتح ويصب في مصلحة حركة حماس.
وفي الختام نؤكد أن شعبنا بمقاومته سينتصر لا محالة على المحتل وعلى كل من يضع نفسه في خانته، ولنا من غزة العبرة، كما لنا في أسرانا الأبطال الذين قهروا المحتل وانتزعوا حريتهم ولو ساعات خير دليل على أن الكف يمكن لها أن تواجه المخرز.