فلسطين أون لاين

هل يتكرر سيناريو اندحار الاحتلال عن غزة في الضفة؟

...
مستوطنات الاحتلال بالضفة (أرشيف)
رام الله-غزة/ نور الدين صالح:

بعد مرور 16 عامًا، لا يزال قطاع غزة يعيش نشوة الانتصار الذي حققته مقاومته بدحر الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، في وقت ترزح فيه الضفة الغربية تحت وطأة جرائمه واعتدائه على أبناء شعبنا وأراضيهم ومقدساتهم.

وبينما ينقض الاحتلال على أراضي الضفة، تقف السلطة في رام الله "متفرجة" كـ"شاهد زور" على جرائمه، بل تواصل معه التنسيق الأمني، وتلتزم اتفاقية "أوسلو" التي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى الوضع الراهن، في ظل تنصله منها.

ففي 15 أغسطس/ آب 2005، بدأ اندحار الاحتلال عن 21 مستوطنة في قطاع غزة، كانت تحتل نحو 35% من مساحة القطاع الذي لا تتعدى مساحته 360 كيلومترًا مربعًا، تحت ضربات المقاومة خاصة ما عُرف بـ"حرب الأنفاق" التي استهدفت في العامين اللذين سبقا اندحاره من مواقعه الحصينة.

ويرى الخبير العسكري اللواء يوسف الشرقاوي أنه لا يوجد شبه بين الضفة الغربية التي حولها الاحتلال إلى "كنتونات" متفرقة عبر الطرق الالتفافية والأنفاق، وغزة التي تحتضن المقاومة القوية.

وقال الشرقاوي في حديث لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال بصدد تهويد الضفة وإنجاز "صفقة القرن" التصفوية، لذلك ليس هناك مقارنة بين غزة والضفة، مستبعدًا تكرار سيناريو اندحار الاحتلال عن غزة في ظل تمسك السلطة بالتنسيق الأمني واتفاقية "أوسلو".

وأضاف أن السلطة ليس لها أي سيادة على الأرض وفق "أوسلو"، فهي مجرد حكم ذاتي إداري خدماتي، منتقدًا عدم تبنيها المقاومة بكل أشكالها لدحر الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية، واكتفاء بعض مسؤوليها بتبني المقاومة الشعبية السلمية "أي على شكل فزّاعات" في ظل استمرار اللقاءات بين الطرفين.

واعتبر أن السلطة أوصلت الحالة الفلسطينية إلى "التيه"، مؤكدًا ضرورة تبني مقاومة سليمة ترتقي إلى عصيان مدني في المراحل القادمة، وقطع كل العلاقات مع الاحتلال.

وحثَّ فصائل منظمة التحرير على وجوب اتخاذ موقف واضح حول تأييدها المشروع الوطني من عدمه.

احتلال رخيص

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور أن الاحتلال في الوقت الراهن لا يدفع أي ثمن حقيقي لاحتلاله الضفة، ما يشكل له ظرفًا مُريحًا للاستمرار في التوسع الاستيطاني والتضييق على الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) وفق اتفاق "أوسلو".

وأكد منصور في حديثه لـ"فلسطين" أن إدارة الصراع مع الاحتلال التي تنتهجها السلطة بالاعتماد على التنسيق الأمني واتفاقية "أوسلو" دون أي مواجهة حقيقية وكلفة عالية، ستُطيل بقاء الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة.

واستبعد إقدام السلطة بتركيبتها الحالية على قطع علاقتها مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني، رغم وجود إجماع وطني وفصائلي على ذلك، الأمر الذي سيطيل عمره.

ومع ارتفاع وتيرة المقاومة الشعبية في الآونة الأخيرة، يقول منصور: رغم أهميتها فإنها تحتاج إلى مظلة سياسية واستثمار وتوسيع شامل، وما دون ذلك ستبقى إنجازاتها محدودة محلية ولها علاقة في بؤرة هنا وهناك وليس في الاستيطان ككل.

وبيَّن أن أعداد المستوطنين تقترب من المليون في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، يسيطرون على مرافق وموارد طبيعية، ما يجعل مسألة إزالة الاستيطان بحاجة إلى نضال أكبر يخوضه الشعب الفلسطيني بشكل موحد.

وتوقع بقاء المرحلة الحالية بالضفة في "حالة جمود" في ظل حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينيت التي ليس لديها تفويض للحديث في الأمور السياسية بسبب تركيبتها، وعدم وجود ضغوط أمريكية عليها، وزيادة الاستيطان وتهيئة الأجواء لضم مناطق (ج) التي يراها بينيت أولوية في برنامج حكومته.