يبدو أنه حين تكون الأمور خارجة عن التوقع نحتاج العودة إلى بدهيات الأمور. كانت اتهامات الجبير وزير خارجية المملكة السعودية التي تتهم حماس والإخوان بالإرهاب من الأمور غير المتوقعة، لذا صدم بها أهلنا في فلسطين وخارجها، وكانت تعقيباتهم متعددة ومنددة بما قاله الوزير.
لقد رعت المملكة السعودية في عهد خادم الحرمين الراحل رحمه الله اتفاق مكة بين فتح وحماس، واستطاعت المملكة بحكمتها صيانة الدم الفلسطيني وحمايته ، ووحدت الفلسطينيين في ظل حكومة وحدة وطنية، وقد حضر مباحثات الاتفاق تحت الرعاية الملكية الكريمة كل من خالد مشعل وإسماعيل هنية من طرف حماس، ومحمود عباس وإخوة آخرون من فتح، وشكر الطرفان رعاية المملكة ونجاحها في رأب الصدع وإصلاح ذات البين.
إن حماس التي كانت في اتفاق مكة تحت الرعاية الملكية هي حماس الموجودة اليوم، ولم تحدث حماس أدنى تغيير في سياساتها وثوابتها، بل إن حماس في هذا العام أصدرت وثيقة المبادئ والسياسات العامة التي تنظم أداءها السياسي في المجالات كافة، ولاحظ المراقبون أن حماس ابتعدت خطوة عن الإخوان، أو ما يسمى بالتنظيم الدولي ، وأكدت أنها حركة تحرر وطني فلسطيني، وأنها تعمل في فلسطين، ولا تعمل خارج فلسطين، وأنها تقاوم الاحتلال ولا تعادي اليهود دينيا، وتكاد تخلو وثيقتها من الأيدلوجيا التي كانت في وثائقها السابقة، وحين قاربت الحل السياسي للقضية الفلسطينية قالت إنها تقبل بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧م، مع التمسك بحق العودة، وقد تعرضت لانتقادات الآخرين بسبب هذا القبول الذي عده بعضهم تنازلا غير مفيد؟!.
ما أريد قوله من هذا الاستعراض السريع أن حماس لم تتغير، ولم تقم بأي عمل عسكري خارج فلسطين المحتلة يمكن أن يكون موطن خلاف بينها وبين المملكة السعودية، وحين اغتالت (إسرائيل) محمود المبحوح في دبي، لم تقم حماس بالرد على الاغتيال خارج فلسطين تمسكا بمبدئها أنها تقاوم المحتل داخل فلسطين، وأنها لن تسيء لأي من الدول العربية، وعضدت على جراحها، لأن المعركة مع العدو طويلة، وحماس في حاجة للأمة العربية ودولها قاطبة فهم الأهل والظهر والسند لفلسطين .
من هنا كانت مشاعر الصدمة عند حماس وفصائل المقاومة بما قاله الجبير وزير خارجية السعودية في كلمته وهو في أوروبا، لذا رفضتها حماس وكل الفصائل الفلسطينية، لأن حماس لم تعمل عملا يضر بالمملكة السعودية، وحين وقعت الأزمة السورية والأزمة اليمنية اتبعت حماس سياسة النأي عن الخلافات لكي تحفظ البوصلة العربية باتجاه القدس الشريف. حماس حركة تحرر وطني تعمل ضد الاحتلال، وستبقى على نهجها ولن تدخل في معارك جانبية مهما كان الأمر مؤلما، وتعول خيرا على حكمة خادم الحرمين الشريفين.