فلسطين أون لاين

حوار الهندي: اندحار الاحتلال عن غزة شكَّل "علامة فارقة" للفلسطينيين

...
سهيل الهندي عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" (أرشيف)
غزة/ حاوره نور الدين صالح:

قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" سهيل الهندي: إن اندحار الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة قبل 16 عامًا، شكّل علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني ومقاومته، واصفًا اتفاقية أوسلو بـ "العار والذل".

وأوضح الهندي خلال حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن اندحار الاحتلال عن غزة رسالة قوية لكل الشعوب العربية بأن الإرادة القوية والتصميم لانتزاع الحق ليس بالأمر المستحيل.

وأضاف أن "الاحتلال انسحب من غزة رغما عن أنفه بفعل قوة المقاومة وضربات المجاهدين التي جعلته يجر ذيول الخزي والعار، علمًا أنه كان يولي أهمية كبيرة لغزة، كما تل أبيب".

وبيّن أن قادة الاحتلال الذين كانوا يراهنون على زوال غزة، قد ذهبوا إلى مزابل التاريخ وغزة بقيت شامخة، معتبرًا ذلك "رسالة قوية لكل حر في العالم بأن الإصرار يصنع المستحيل بإذن الله".

وبحسب قوله، فإن غزة وسكانها تشعر بالفخر والسعادة مما حققته المقاومة وتسببت بدحر الاحتلال من خلال ضرباتها الموجعة، "وهذه رسالة أنه رغم قلة الإمكانات والعتاد فإنهم انتصروا على أقوى جيوش العالم".

وشدد على أن المقاومة ما زالت تراكم قوتها وتطور قدراتها العسكرية منذ عام 2005 وحتى اليوم، مستدلًا بمعركة "سيف القدس" الأخيرة التي لقنت فيها العدو درسًا كبيرًا وجابت صواريخها كل مناطق فلسطين المحتلة.

وتابع الهندي: "الطريق الأقصر لتحرير فلسطين هي المقاومة، فهي ماضية ولن ترفع الراية البيضاء وعلى العدو أن يخرج من أرض فلسطين".

وشدد على أن "دولة العدو قاب قوسين أو أدنى على الخلاص وزوالها وتكون القدس عاصمة فلسطين الأبدية".

وعن مدى إمكانية تكرار سيناريو اندحار الاحتلال في الضفة، أجاب الهندي: "قد تنجح الضفة في تلقين العدو درسًا عبر ضربات موجعة من المقاومة".

وأضاف: "لا شك أن الضفة تختلف عن قطاع غزة من حيث الاستراتيجية والجوانب الأمنية، لكنها قد تتحرر إذا أعادت تجربة غزة إذا كان هناك إصرار وإرادة قويتين ثم الإعداد والجهوزية لمواجهة الاحتلال".

واستعرض أن عشرات الآلاف من الصهاينة هاجروا من (إسرائيل) عام 2000 بفعل ضربات المقاومة، "لذلك إذا استمرت المقاومة ستحقق إنجازات أخرى كبيرة".

وفي 12 سبتمبر/ أيلول عام 2005 انسحبت قوات الاحتلال من 21 مستوطنة في قطاع غزة، كانت تحتل نحو 35% من مساحة القطاع الذي لا تتعدى مساحته 360 كيلو مترًا مربعًا، بعد ضغط المقاومة خاصة ما عُرف بحرب الأنفاق التي استهدفت خلال السنتين اللتين سبقتا الانسحاب مواقع حصينة لجيش الاحتلال في القطاع.

ذكرى "أوسلو"

وحول اتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير مع (إسرائيل) في 13 سبتمبر 1993، وصف عضو المكتب السياسي، هذه الاتفاقية بـ "العار" على الشعب الفلسطيني، محملًا السلطة المسؤولية الكاملة عنها.

وأشار إلى أن الاتفاقية مرفوضة شعبيا وفصائليًا منذ اللحظات الأولى لتوقيعها، مضيفًا "رغم أنها اتفاقية عار ومخزية ومذلة للشعب الفلسطيني، فإن الاحتلال تنصل منها أيضًا".

واستطرد: "في ذكرى اندحار العدو واتفاق أوسلو، شتان بين غزة عنوان العزة وبين توقيع صك الاستسلام والذل للاحتلال".

وبيّن أن اتفاقية أوسلو مرّ على توقيعها 28 سنة، وقد حققت "صفرًا كبيرًا" من الإنجاز، بل دفع الشعب الفلسطيني ثمنًا بالتخلي عن أكثر من 80% من أرض فلسطين، فضلًا عن التنسيق الأمني وتردي الاقتصاد الفلسطيني الذي أصبح مرتبطًا بالكامل في الاقتصاد الإسرائيلي.

وأشار إلى أن الاتفاقية أعطت حكمًا ذاتيًا للسلطة، وقد أصبحت أداة وظيفية ولا تملك من أمرها شيئًا، وهي التي تسبب بانقسام وتفريق الشعب الفلسطيني، مشددًا على ضرورة "وحدة الصف والكلمة الفلسطينية في وجه الاحتلال".

واتهم الهندي بعض الشخصيات المتنفذة في السلطة، بالتمسك في أوسلو والتنازل عن فلسطين مقابل تحقيق مصالح شخصية، وخشية تأثُرها وظيفيًا، "لذلك فإن هذا الاتفاق هزيل وفاشل ولن يجدي نفعًا".

وبيّن أن "أوسلو" زادت من معاناة الشعب الفلسطيني وخاصة في الضفة الغربية وجعلتها عبارة عن كنتونات وحواجز عسكرية على أعين السلطة.

وانتقد الهندي تمسك السلطة بأوسلو، تحت ذريعة أنها تحقق مصلحة للشعب الفلسطيني، وليس بالإمكان تحقيق إنجازات أكثر، فضلا عن ضعف الخيارات في وجه العدو.

وشدد على أن "فلسفة السلطة قائمة على تحقيق مصالح شخصية لمجموعة من المتنفذين ارتبطت مصالحهم مع الاحتلال، دون الالتفات لمعاناة الفلسطينيين"، مطالبًا السلطة بضرورة التنصل من "أوسلو" والتزام قرارات المجلسين المركزي والوطني بالتحلل منها ونزع الاعتراف بالاحتلال.

ووفق الهندي، فإن أوسلو مبنية على أساس التنسيق الأمني القائم على ملاحقة المناضلين الرافضين لسياسة الاحتلال، لذلك تعتقلهم الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة.

وطالب السلطة بضرورة رفع يدها الغليظة عن المقاومين في الضفة وإطلاق العنان لهم بمواجهة الاحتلال، "فالضفة لديها مخزون استراتيجي من الرجال"، وفق قوله.

الاعتقالات السياسية

في سياق متصل، استهجن عضو المكتب السياسي استمرار السلطة في قمع الحريات والاعتقالات السياسية بحق المعارضين لها والنواب والأسرى المحررين، معتبرًا إياها ضمن سياسة "تكميم الأفواه".

وأوضح أن السلطة تتخذ من هذه السياسة وسيلة لتقويتها وبقائها في سدة الحكم، مشيرًا إلى أن اغتيالها للمعارض السياسي نزار بنات، انعكس سلبيًا عليها.

وأشار إلى أن الأصوات المعارضة لها وسياستها تزداد يومًا بعد آخر، حتى من داخل حركة فتح رفضًا للأساليب الهمجية وقتل الناس لمجرد التعبير عن رأيهم في قضايا عدة.

ووصف الوضع الحالي في الضفة بـ "الخطِر" في ظل استمرار سياسات السلطة وقمع الحريات، "فالشعب الفلسطيني خُلق حرًّا"، منبهًا إلى أن كثيرًا من الشخصيات السياسية دفعت ضريبة رأيها السياسي بالسجن والسحل.

كما استنكر مماطلة السلطة في الكشف عن قتلة الشهيد "بنات" رغم اعترافها بالقتل، فهي الآن باتت تحمي القتلة، مطالبًا إياها بضرورة محاسبة القتلة.