في هذه الأجواء العاصفة التي ضربت الخليج العربي فجأة وعلى غير توقع، نسيت دول الخليج وربما دول المنطقة أيضا الاحتلال الإسرائيلي والقدس والاستيطان. من المؤكد أن الاحتلال هو رأس الإرهاب. بينما هو المستفيد الأول مما يجري بين دول الخليج لذا تجد عنده احتفاء رسميا وشعبياً بالخصومة الشديدة التي ضربت قطر ومنطقة الخليج.
لست أدري لماذا حين يختلف الزعماء العرب فيما بينهم تكون خلافاتهم شديدة، بينما إن اختلفوا مع الأجنبي كانوا أقل عنفًا، وأكثر دبلوماسية، وفي هذا مخالفة لنصوص الشرع الحكيم.
لم يقل أحد لدولة الاحتلال مثلا (طفح الكيل) بينما قيلت هذه الكلمة لقطر بعد أيام من الخلاف السعودي معها. (طفح الكيل) كلمة تعني أن طريق الدبلوماسية وربما الوساطة قد أغلق.
سكان دول الخليج هم مع القطريين إخوان وأبناء عمومة ونسب، وما يجمعهم عادة أكثر مما يفرقهم، ولكن يبدو أن هذه الأزمة الأخيرة حيّرت حكيم الكويت وأميرها، فهو كلما قاربها من زاوية انفجرت زاوية أخرى، فهل باتت الوساطة الكويتية غير قادرة هذه المرة على رأب الصدع بين الأهل وأبناء العمومة؟!
أنا لا أصدق الاتهامات الموجهة لقطر بأنها تمول الإرهاب، ولو كانت كذلك لوجدت اتهاما مباشرا لها من أميركا ودول الغرب، ولكن وجدنا عكس ذلك فوزير خارجية ألمانيا يعدها جزءا من التحالف الدولي ضد الإرهاب. وكما أنه من الصعوبة بمكان أن نبرر الخصومة القائمة الآن مع السعودية والإمارات والبحرين بالإرهاب، فإنه لا يمكن تبريره بوجود بعض قيادات حماس في الدوحة، فهؤلاء مضى على وجودهم ردح طويل من الزمن، وبالتحديد منذ الأزمة السورية.
وجود بعض قيادات حماس في قطر كان وما يزال من باب الضرورة، بعد أن فقدت حماس قدرتها على البقاء في سوريا بسبب الصراع السوري الداخلي.
إن عدد المتواجدين في قطر من قيادات حماس يعدون على الأصابع، ويعملون في جوانب سياسية وإعلامية ضد الاحتلال فقط، ولم ينخرطوا يوما في أدنى عمل يضر بإخوانهم الخليجيين في السعودية والإمارات، حاشا لله، بل هم يضمون صوتهم لكل صاحب ضمير يسعى إلى نهضة الخليج والمملكة، وتجدهم يدعون إلى ضرورة تجاوز الأزمة الأخيرة مع قطر.
لقد أنست الأزمة الأخيرة في الخليج الناس الاحتلال والاستيطان، والحصار المشدد المضروب على غزة، وبات الناس يتحدثون عن حصار قطر، وكيف ستوفر قطر احتياجات سكانها وقد أغلقت عليها الدول المقاطعة لها المنافذ والأجواء؟! إننا في فلسطين نتألم لما يجري في المنطقة من أزمات، فكلها تنعكس سلبا علينا، لذا ندعو الله في شهر رمضان أن يمن على دول الخليج بالتفاهم والمصالحة.