فلسطين أون لاين

فاز بمسابقة أكاديمية القدرات التكنولوجية

تقرير فرشة هوائية ذكية.. ابتكار شبابي لـ "طريحو الفراش"

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لم يعد المرضى "طريحو الفراش" والأسرَّة الطبية في العيادات والمستشفيات، بحاجة إلى انتظار من يقوم بتقليبهم وتحمل شعور نفسي صعب بأنهم أصبحوا "عالة على الآخرين!" خاصةً أن ذلك يحتاج إلى جهد كبير ممن يقوم على رعايتهم نظرًا إلى ثقل وزن بعضهم.

وقادت تلك المسألة فريقًا شبابيًّا رياديًّا في غزة لابتكار فرشة هوائية تعمل بواسطة تطبيق على الهواتف الذكية يُمكِّن المرضى من تقليم أنفسهم ذاتيًّا، ما يعطي للمريض شعورًا بالاستقلالية.

فريقSmart Air Mattress (SAM) وأعضاؤه: مؤمن السماك، ولاء مرتجى، علي عبيد، محمد أبو دقة، ابتكروا فكرة فرشة هوائية مقسمة إلى أربعة أقسام قابلة للنفخ، بحيث يمكن التحكم فيها عبر تطبيق هاتفي يتحكم بالجزء المراد نفخه عن بعد لتقليب المريض في الاتجاه المناسب، إضافة إلى إمكانية نقلها من مكان لآخر بسهولة نظرًا إلى وزنها الخفيف وسهولة حملها.

ولمعت الفكرة في ذهن الفريق من واقع المعاناة التي يعيشها المرضى طريحي الفراش أو ذويهم عند تقليبهم، حيث يحتاج المرضى للتقليب المستمر كل ساعتين، أي اثنتي عشرة مرة في اليوم الواحد، وذلك لمنع المضاعفات التي تحدث حال عدم تقليبهم كإصابتهم بتقرحات جلدية يصعب الشفاء منها بين كبار السن.

بزوغ النجم

تقول ولاء مرتجى التي عاشت تجربة شخصية جعلتها صاحبة الابتكار: "حينما كنت بالثانوية العامة، أصيبت عمتي بشلل جعلها أسيرة الفراش، فكنا نعاني في تحريكها وتقليبيها من جهة إلى أخرى كل ساعتين، لزيادة وزنها بفعل عدم قدرتها على الحركة، أيضًا كنت أرى معاناة مختصي العلاج الطبيعي حينما كانوا يأتون البيت".

لم تكن وحدها هذه القصة الملهمة لولاء، يتغير مسار حديثها لتجربة أخرى، حيث كانت ترى ابن خالها الذي رزق بطفل ألزمه وضعه الصحي الفراش، حتى أصبح عمره ستة عشر عامًا، "كنت أرى الأب يتعب كثيرًا في تقليب ابنه ومراقبته ورعايته الدائمة، وحينما التحقت بتخصص العلاج الطبيعي في الجامعة، بدأت الأسئلة تراودني عن كيفية مساعدة المرضى وذويهم، ومن رحم المعاناة التي عشتها ولد الأمل والفكرة".

وتشير مرتجى إلى أن فكرة المشروع لا تعين المرضى في بيتهم فقط بل ويمكن لأقسام العناية المركزة بالمستشفيات أن تتزود بهذه الفرشة.

مؤمن السماك يسلط المجهر أكثر على المشروع قائلا: "عملية التقليب المستمر تطلب جهدًا ووقتًا ومشاهدة دورية مستمرة غير منقطعة من ذوي المرضى، فأردنا أن نخرج بفكرة التطبيق التي تسهل المهمة على المرضى وذويهم ومقدمي الرعاية الصحية بمختلف تخصصاتهم".

ويتضمن التطبيق الهاتفي أيقونات متعددة تظهر كل منها وضعية مختلفة، فمثلًا لو أردنا أن نضع المريض في الاتجاه الأيمن يمكنه أو يمكن لمن يقدم الرعاية الصحية الضغط على الصورة التي تدل على الاتجاه، ومن ثم يؤكد هذا الاختيار، فيعطي التطبيق أمرا للمستشعر الموجود في الفرشة بنفخ الجزء الأيسر من الفرشة لكي يصنع فارقا في الارتفاع، وبذلك يتمكن المريض من التقلب بسهولة للجزء الأيمن، يقول مؤمن.

ويلفت إلى أن هذه الفكرة أعطت استقلالية كبيرة للمرضى، إذا كانوا قادرين على تحريك أيديهم، "فعندما يعمل المستشعر على نفخ الجزء الأيسر، يمد المريض يده ليمسك بمقبض يساعد على حمل الوزن، وعليه أصبح الحمل أخف، ولو لم يستطع تحريك يده يمكن لأهله مساعدته بجهد بسيط جدا".

وما يميز المشروع عن الفرشات الهوائية التقليدية، تبعًا لمؤمن، هو إمكانية التحكم بأجزاء محددة من الفرشة دون أخرى، وذلك حسب الوضعية المراد تطبيقها. كما يمكن مراقبة تحركات المريض عبر التطبيق من قبل النظام الصحي.

وفازت الفكرة بالمرتبة الثانية لمسابقة أكاديمية القدرات التكنولوجية المنظمة من مشروع (ICare) وحصلوا على حقيبة إلكترونية تحوي قطعة لتصميم نموذج أولي للمشروع.

لحظة إعلان النتائج شعروا بعمق الفرح الذي جاء على شكل مكافأة لجهودهم: "كانت لحظات فارقة وقت إعلان الفرق الفائزة، توقعنا أن يكون اسمنا في المراكز الأولى، وكنا على ثقة كبيرة بفكرتنا لإدراكنا قيمتها، سيبقى هذا اليوم راسخا في ذاكرتنا، وسيواصل الفريق بذل الجهد لتطبيق الفكرة على أرض الواقع".

"فلسطين" سألت مؤمن حول مدى تطبيق المشروع، فكانت إجابته مملوءة بالفخر والثقة: "بالنسبة لتطبيق المشروع علميا وعمليا نحن قادرون عليها، لكن نحتاج إلى تمويل لعمل لو قطعة واحدة من المشروع، فنحتاج تكلفة لاستيراد القطع التي نحتاج إليها من الخارج لنبدأ بتصنيعها محليًا".