باءت جميع الوعود التي حصل عليها المتقاعدون العسكريون وموظفو تفريغات 2005 بإنهاء معاناتهم وصرف رواتبهم كاملة، بالفشل أمام تعنت السلطة في رام الله ومواصلتها في فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.
واستبشر موظفو السلطة في قطاع غزة، طوال الأشهر الماضية خيرًا بإنهاء معاناتهم والاستجابة لمطالبهم بعد تصريحات أكدت لهم بإنهاء ملفهم، لكن انقطع آخر خيط تعلقوا به بعد تأجيل الانتخابات التشريعية وتصريحات رئيس السلطة محمود عباس، التي اشترط فيها حل الملفات العالقة بعودة السلطة إلى غزة، خلال اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح.
وكان موظفو السلطة في قطاع غزة، والمحالون للتقاعد القسري والمبكر، وتفريغات 2005 تلقوا طوال الأشهر الماضية سيلًا من الوعود بالاستجابة لمطالبهم، لكن دون جدوى، وذهبت جميعها أدراج الرياح.
سرقة الأموال
وقال مصدر مسؤول في حراك المتقاعدين: إن السلطة غير معنية بحل أزمات قطاع غزة، بل تزيد الخناق على سكانها حتى لو كان ذلك على حساب موظفيها.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، خشية قطع راتبه من السلطة في رام الله: "إن السلطة لا تريد قطاع غزة، حتى لو قدم لها على طبق من ذهب".
واتهم السلطة بسرقة نحو 80 مليون شيقل شهريًّا، من أموال التقاعد المالي والمبكر لموظفي القطاع، من أصل 190 مليون شيقل هي موازنة المتقاعدين العسكريين، لافتاً إلى أن ما يصلهم منها 110 ملايين شيقل.
وبيّن أن السلطة أسقطت عمدًا سنوات عمل للعديد من الموظفين العسكريين عند تحويلهم إلى التقاعد القسري، مؤكدًا أن إجراءات عدة اتخذت بحق موظفي السلطة بغزة بزعم الضغط على حركة حماس من أجل تسليم القطاع.
وأكد أن السلطة تعمل وفق أكثر من قانون للتقاعد المبكر الأمر الذي خلق أزمة وأضاع حقوق الموظفين، كالعمل وفق القانون الأردني للتقاعد الصادر عام 1959، والمصري عام 1965، وقانون 2005 الذي جمع القانون المصري والأردني بقانون واحد، إضافة إلى العمل بقانون التقاعد 2008 و2017.
وذكر أن موظفي السلطة استبشروا خيرًا بتصريحات عباس قبل إعلان إجراء الانتخابات بإنهاء ملف تفريغات 2014، والتقاعد المبكر والمالي، لكن سرعان ما فوجئوا بتأجيل حل كل القضايا العالقة بعد تأجيل الانتخابات، واشتراط الرئيس عباس حل الملف بعودة السلطة إلى غزة.
وأكد أن المحالين للتقاعد بصدد رفع قضايا قانونية في المحاكم الفلسطينية ضد السلطة بسبب إحالتهم للتقاعد المبكر والتقاعد المالي، مشيرًا إلى أن نحو 1550 متقاعدًا وقعوا عريضة قانونية خاصة بتقديم شكوى ضد السلطة.
وتوقع خلال منتصف الشهر الجاري أن يتم تُوقّع عريضة تضم نحو 13 ألف متقاعد للمطالبة بحقوقهم من أصل 17 ألفًا و800 موظف يعملون في أجهزة أمن السلطة في القطاع، أحيلوا للتقاعد، خلال السنوات الماضية.
معاناة مستمرة
في حين رأى نقيب موظفي السلطة العموميين في قطاع غزة عارف أبو جراد، أن إنهاء أزمات القطاع، لن يتم دون إنهاء الانقسام السياسي بين الضفة وغزة.
وقال أبو جراد لصحيفة "فلسطين": إن شعبنا الفلسطيني وخاصة في القطاع، يعانون الأمرين بسبب الانقسام السياسي، وغياب قيادة السلطة والحصار الإسرائيلي المفروض منذ 15 عامًا.
وأضاف: إن إنهاء الانقسام كفيل بإنهاء كل أزمات القطاع، داعيًا السلطة إلى إعادة النظر في قانون الخدمة المدنية وقانون التقاعد وحقوق الموظفين.
وأردف: إن التقاعد القسري لم تُلغِه السلطة رغم سيل الوعود والتصريحات التي تحدثت طوال الأشهر الماضية وخاصة عند تحديد موعد الانتخابات التي سبقت الحديث عن عقد انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني.
وعن ملف تفريغات 2005، قال نقيب الموظفين: إن العديد من قيادة السلطة أكدوا في تصريحات صحفية أن ملف تفريغات 2005 على طاولة الرئيس، مستبعداً حل هذا الملف قبل إنهاء الانقسام وفق شخصيات قيادية في السلطة".
وأكمل: حصل موظفو 2005 على وعودات كثيرة كان آخرها على لسان عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" روحي فتوح، الذي زار قطاع غزة، في فبراير الماضي، بأن الملف سينتهي، لكن الملف بقي يراوح مكانه.
وتواصل السلطة سياسة الصمت و"إدارة الظهر" في التعامل مع الأزمات التي خلقتها في قطاع غزة، منذ أكثر من 15 سنة، ضمن مساعيها الرامية لتضييق الخناق على سكانها ضاربة بعرض الحائط كل المطالبات والتحركات الرافضة لهذه السياسات.
ومن بين هذه القضايا، تقليص نسب رواتب موظفيها في القطاع، وإحالة عدد كبير منهم إلى التقاعد القسري والتقاعد المالي المبكر، وعدم التوصل لحل ملف تفريغات 2005، وقطع رواتب عدد كبير من الأسرى المحررين، فضلا عن تهميش ملف أهالي شهداء عدوان 2014 حتى الآن، واقتطاع حصة غزة الدوائية.