فلسطين أون لاين

تقرير فراقٌ موجع وانتظار طويل.. معاناة "ذوي المحتجزة جثامينهم" لا تتوقف

...
صورة أرشيفية
غزة / فاطمة الزهراء العويني:

قلب حادث استشهاد بهاء عليان في 2015 حياة أبيه محمد رأسًا على عقب، وقهرته المعاناة باحتجاز الاحتلال الإسرائيلي جثمان ابنه، ليخوض "معارك" في جميع المحافل المحلية والدولية للمطالبة باسترداد الجثمان، وينجح أخيرًا في ذلك.

لكنَّ ذوي 334 شهيدًا يحتجز الاحتلال جثامينهم، لا يزالون يعانون الأمرين دون أمل في استردادها.

وبعض الجثامين محتجز منذ 50 سنة في "مقابر الأرقام" وأخرى في الثلاجات منذ 2015، وتخوض جهات فلسطينية متعددة نضالًا لاستردادها ولتدويل القضية التي تعد جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي.

وبدأت معاناة محمد عليان في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 عندما استشهد ابنه برصاص الاحتلال بذريعة تنفيذ عملية طعن وإطلاق نار مع الأسير بلال أبو غانم، في حافلة بمستوطنة "أرمون هنتسيف" الجاثمة على أراضي قرية جبل المكبر، واحتجز جثمانه.

ويصف عليان في حديث مع صحيفة فلسطين فقدان الابن بأنه موجع واحتجاز جثمانه بأنه وجع آخر، قائلًا: "الاحتجاز أكثر مرارة من الفقد، فبقاء الجثمان محتجزًا يعني أن دائرة الحزن تبقى مفتوحة".

ويضيف: تظل الأسرة في حالة عزاء وقلق دائم لأنها غير متيقنة من استشهاد ابنها لكي تعود لحياتها الطبيعية، فهي تحتاج إلى معرفة مصيره.

ويفسر: "أسرة الشهيد المحتجز جثمانه لا يطلعها الاحتلال على تقارير طبية تؤكد استشهاده، ولا يسمح لها أو لأي جهات حقوقية بمعاينة جثمانه ما يجعلها على أمل بأن يكون ما زال على قيد الحياة".

لكن في سبتمبر/ أيلول 2016 تمكن والد بهاء من وداعه، بعدما أُفرِج عن جثمانه.

يقول: "لم أقتنع أن بهاء استشهد حتى رأيت جثمانه ودفنته، أما قبلها فكانت المخاوف تتملكني حول مصيره وهل هو في الثلاجات أو في مقابر الأرقام؟ وهل سرقت أعضاؤه؟ وهي أسئلة مقلقة جدًّا لأي أهل شهيد".

وتسبب استشهاد بهاء بتغيير جوهري في حياة أبيه، ليقود "معركة قوية وشعبية وإعلامية وقانونية لاسترداد الجثامين".

ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف عن النضال لتحقيق هذا الهدف، وعن ذلك يقول: "عشت تجربة مريرة برفقة عائلات الشهداء، حتى استطاع بعضنا انتزاع أبنائنا من الثلاجة، فقد سهرنا الليالي، ولم نتوقف عن المطالبات المحلية والدولية".

ويقول والد الشهيد إنه لن يهدأ له بال حتى دفن آخر جثمان شهيد محتجز، "فحياتي أصبحت ملكًا لعائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم، وأسخر خبرتي السابقة في الجوانب القانونية والنضالية لمصلحة هذه العائلات، فنحن أصبحنا عائلة موسعة من عائلات الشهداء نشارك بعضنا بعضًا الأفراح والأتراح".

في السياق تقول منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء سلوى حماد: إن بعض جثامين الشهداء محتجزة في ثلاجات في حين الجزء الآخر محتجز في مقابر الأرقام، في جريمة بحق المجتمع الفلسطيني مخالفة لكل القوانين الدولية خاصة اتفاقية جنيف الرابعة.

وفي حديث مع صحيفة فلسطين، تقول حماد: إن هناك قضايا مرفوعة في محاكم الاحتلال الإسرائيلي بشأن الجثامين المحتجزة، لكن يوجد "عسر قانوني" في حلها، مردفة: "بناء على ذلك قررنا تقديم شكاوى لمقرري لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة التي تنظر في جرائم كالاختفاء القسري، بجانب الفعاليات الشعبية والتضامنية لإثارة القضية".

وتؤكد استمرار الحملة حتى استرداد آخر جثمان محتجز، لافتة إلى صعوبة الأوضاع التي يعيشها ذوو هؤلاء الشهداء المحتجزة جثامينهم.