في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة الذكرى السادسة عشرة لاندحار الاحتلال الإسرائيلي من 21 مستوطنة في القطاع، تواصل السلطة اللهاث خلف العودة لنهج المفاوضات مع (إسرائيل) برعاية أمريكية.
وعلى الرغم من فشل هذا المسار على مدار أكثر من ربع قرن فإن السلطة تتمسك به، مع تجاهلها المقاومة التي تعد الطريق الأمثل لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني، وكنس الاحتلال عن أرضه.
وقد التقى رئيس السلطة محمود عباس بمدير جهاز المخابرات الأمريكية (سي آي إي) ويليام بيرنز، الأربعاء الماضي في رام الله، وبحث الطرفان انطلاقة جديدة لما تسمى "عملية السلام" بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، ورفع مستوى التنسيق الأمني، في وقت يكبح فيه جماح المقاومة بكل أشكالها وما حققته من إنجازات كبيرة سواء في معركة "سيف القدس" بغزة، وليس انتهاءً في بلدة بيتا بنابلس مؤخراً.
وهنا يبرز السؤال الأهم، لماذا لا تتعظ السلطة من دروس انتصار المقاومة في كثير من المحافل التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، وتذهب بعيداً عنها متمسكة بالمفاوضات العبثية التي لم تجلب أي حق للفلسطينيين؟
الكاتب والمحلل السياسي خالد العمايرة، يقول إن السلطة لا تتعلم من أخطائها ولا تتعظ من دروس المقاومة، لأنها مسؤولة لدى الاحتلال قبل الشعب الفلسطيني.
وبيّن العمايرة خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن السلطة موجودة لخدمة الاحتلال فقط، والأخير يقايضها بذلك فقط، مشيراً إلى أن بقاءها يعني استمرار الفساد ومعاناة الفلسطينيين بل مضاعفتها.
وأوضح أن الاحتلال يسعى للحفاظ على بقاء السلطة والحفاظ عليها من المساءلة الشعبية الفلسطينية، وإمكانية إزاحتها عن صدور الفلسطينيين.
وأضاف أن "السلطة ليس لديها خيارات، سوى التساوق مع الاحتلال، فهي لا تفكر بالعودة إلى رشدها والاصطفاف معه، وأصبح الوقت متأخرا لذلك".
ولفت إلى أن الجماهير الفلسطينية فقدت الثقة الكاملة في السلطة، خاصة في أعقاب الانهيارات السياسية الأخيرة التي حصلت في الضفة، مثل اغتيال المعارض نزار بنات، وكذب الحكومة بتشكيل لجان تحقيق في اللقاحات الفاسدة وغيرها من القضايا.
ورأى أن السلطة أصبحت تنتهج الكذب الصريح مع الشارع الفلسطيني، واصفاً إياها بـ "المتسول" الذي يستجدي حقوقه من الآخرين (الاحتلال) ولا يتعلم من دروس انتصارات المقاومة، عدا أنها فقد كل مقومات استمرارها في الكفاح.
وشدد العمايرة على أن "المقاومة الفلسطينية هي البديل الواضح لفشل وإخفاق السلطة، وهي التي تشكل بديلاً للهزيمة".
قتل الحركة الوطنية
بدوره قال الباحث في الشأن السياسي غسان حمدان: إن المقاومة الفلسطينية هي السبب الرئيس في دفع الاحتلال إلى الاندحار عن قطاع غزة عام 2005.
وعدَّ حمدان في حديثه مع "فلسطين"، أن عودة السلطة للمفاوضات ستكون بمنزلة "قتل الحركة الوطنية الفلسطينية"، لا سيّما أن راعي المفاوضات -وهي الولايات المتحدة- منحازة بشكل مطلق للاحتلال.
وبيّن أنه منذ اتفاقية أوسلو أصبحت الأراضي الفلسطينية في قبضة الاحتلال، والسلطة هامشية، ولا تعبر على سيادة الشعب الفلسطيني لأرضه.
وأضاف: "من يعتقد أن العودة للمفاوضات إخراج للمأزق الفلسطيني فهو واهم، بل ستكون العودة لصالح دولة الاحتلال، لأنه يكرس سياسات الاحتلال العنصرية على الأرض".
وجدد تأكيد ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وإعادة ترميم البيت الفلسطيني، بصورة قادرة على مواجهة تحديات الاحتلال وليس بالعودة إلى المفاوضات.
وأشار إلى أن المقاومة بكل أشكالها أثبتت نجاحها بفرض كلمتها وعدم الخضوع لسياسات الاحتلال التهويدية والعنصرية، مستعرضاً نموذج المقاومة الشعبية في بلدة بيتا.