عكس تأخير صرف السلطة رواتب موظفيها المتقاعدين الضوء على صندوق هيئة التقاعد وخلوه من الأموال، وسط اتهامات للسلطة بالتلاعب بأموال الأخير في تجاوز للقانون الفلسطيني.
وسادت حالة من الغضب والاستياء بين الموظفين المتقاعدين لتأخر صرف رواتب شهر يوليو حتى 17 أغسطس، وهو ما عكس خللًا إداريًّا وماليًّا في هيئة التقاعد، وتلاعبًا واضحًا في أموال المتقاعدين.
وبحسب إفادة مصدر مسؤول في السلطة؛ إن الأخيرة سعت إلى توفير 110 ملايين شيقل موازنة رواتب لـ25 ألف موظف متقاعد من البنوك المحلية، وهو ما أثار غضب المتقاعدين الذين تساءلوا عن مصير أموالهم التي يجب أن تبقى محفوظة دون المساس بها وفقًا القانون الأساسي الفلسطيني.
غياب الرقابة
ونبّه الموظف المتقاعد كامل دنون إلى أن صندوق التقاعد يقتطع من الموظف جزءًا من راتبه طيلة سنوات خدمته، وبذلك "يجب أن يحصل المتقاعد على راتبه التقاعدي كاملًا وبانتظام شهريًّا".
وعد دنون في حديثه إلى صحيفة "فلسطين" خلو صندوق التقاعد من أموال المتقاعدين جريمة وكارثة وطنية ومجتمعية، تستوجب وقفة من المتقاعدين لمعرفة أين ذهبت أموال الصندوق.
وأشار إلى أنه لا يوجد رقابة على صندوق التقاعد إطلاقًا، ولا توجد لجان تقاعد تعلم أين تذهب الأموال، أو جهة نقابية تطالب بحقوقهم وتعلم لماذا تتأخر رواتب المتقاعدين.
واستحضر إعلان رئيس هيئة صندوق التقاعد ماجد الحلو استثمار أموال الصندوق لإقامة مشاريع استثمارية ضخمة من أموال المتقاعدين، مستدركًا: "لكن لم توضح أي معلومات عن تلك الاستثمارات، أو الأرباح التي حققتها ومن المفترض أن يستفيد الموظف منها".
وبين النقابي دنون أن أحد أسباب فقدان الصندوق أمواله هو التعديل الأخير على القانون بمرسوم الذي أصدره رئيس السلطة، وسمح لكبار الموظفين ومن هم بدرجة وزير بالحصول على مبالغ كبيرة من الصندوق دون استقطاع أموال مقابلها من رواتبهم.
وأصدر رئيس السلطة قرارًا بقانون معدل لقانون التقاعد العام رقم 12 لسنة 2020، بهدف زيادة رواتب من هم في درجة وزير زيادة كبيرة، ومنحهم رواتب تقاعدية ضخمة، دون أن يدفعوا أي استحقاقات تقاعدية.
شبهة فساد
وأكد الموظف المتقاعد تيسير منصور أن تقاضيه راتبه يوم 17 أغسطس (يعد متأخرًا نصف شهر عن موعده) يعكس وجود أزمة مالية في صندوق هيئة التقاعد.
وقال منصور لصحيفة "فلسطين": "إن تأخير رواتب المتقاعدين، مع تصريحات المسؤولين في السلطة أنها ذهبت إلى الاقتراض من البنوك لتوفير رواتب المتقاعدين؛ يثبت أن الصندوق لا توجد به أي أموال، وهذا يطرح تساؤلات: أين ذهبت أموال الصندوق؟!".
وأوضح أن خلو صندوق التقاعد من أموال الموظفين يطرح علامات استفهام عن استخدام إدارة الصندوق تلك الأموال، مشددًا على أن ذلك يتطلب تحركًا نقابيًّا وقانونيًّا واسعًا من المتقاعدين.
ووافقه في الرأي الموظف المتقاعد بدر محمود، أن تأخر رواتب المتقاعدين يطرح تساؤلات مشروعة عن أموال الصندوق التي هي حق للموظف ويجب عدم المساس بها.
وقال محمود لصحيفة "فلسطين": "إن إدارة صندوق التقاعد مطالبة بتوضيح آليات الرواتب، والإجابة عن تصريحات المسؤولين بالاقتراض من البنوك المحلية لتغطية رواتب المتقاعدين العسكريين".
وعدّ خلو صندوق هيئة التقاعد من أموال الموظفين دليلًا على أن هناك شبهة فساد، مشددًا على أن الأموال هي حق للموظف الذي ساهم في هذا الصندوق من أمواله المقتطعة خلال سنوات خدمته الحكومية.
وهيئة التقاعد الفلسطينية (سابقًا هيئة التقاعد العام) هي مؤسسة حكومية غير وزارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري والأهلية القانونية، أسست بموجب قانون التقاعد العام الصادر في عام 2005.
تتولى الهيئة إدارة وتنظيم أنظمة التقاعد في فلسطين، والإشراف عليها.