فلسطين أون لاين

تقرير آثار العدوان تترك ظلالًا ثقيلة على نفوس طلبة غزة

...
صورة أرشيفية
غزة / فاطمة الزهراء العويني:

غياب الأب وأفراد من الأسرة أو فقدان المنزل، أمور تترك جروحًا غائرة في نفسية عدد كبير من طلبة قطاع غزة الذين عادوا إلى مقاعد الدراسة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع في مايو/ أيار الماضي، ما يجعل المهمة ثقيلة على عائلاتهم في تهيئة نفسياتهم للعودة للحياة الطبيعية ومواصلة مسيرتهم التعليمية.

وأعلنت وزارة التربية والتعليم بغزة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بدء العام الدراسي الجديد وجاهيًّا كاملًا اليوم.

الطالبة مريم في الصف الخامس الابتدائي، ابنة الشهيد أسامة الزبدة، صممت على افتتاح عامها الدراسي بزيارة قبر والدها الذي سيغيب عن تفاصيل عامها الدراسي للمرة الأولى، بعدما كان يساعدها كثيرًا في دراسة بعض المواد العلمية.

تقول مريم لصحيفة "فلسطين" بألم: "كنت أتمنى أن يكون والدي معي ويشتري لنا لوازم المدرسة ويوصلني بنفسه إليها، لذا قررت زيارة قبره لأشكو له ما يدور في نفسي".

أما والدتها يسرى العكلوك فتقول: "كان أسامة يتولى تدريس مريم المواد العلمية لكونه مهندسًا، فكان له أسلوب مميز في الشرح وتوصيل المعلومة، ويقوم بذلك مع أبناء العائلة الآخرين".

وتضيف أنه كان يجلسها في حضنه ويشرح لها ما تريد: "لا أدري كيف سأتدبر أموري بعد استشهاده؟ والأصعب كيف سيستقبل جمال عامه الدراسي الأول دون أن يرافقه والده؟".

وتشير إلى مخاوفها من أن يتأثر مستوى مريم الدراسي في غياب والدها، الذي كان يؤكد دائمًا أنها لن تحتاج أبدًا إلى "الدروس الخصوصية" ما دام هو على قيد الحياة، مردفة: "الوضع النفسي عليها صعب جدًّا، لكنني بدأت في تنفيذ رغبته بإلحاقها بمدرسة خاصة كان يتمنى التحاقها بها".

وتضيف: "سيكون معها في المدرسة عدد من أبناء الشهداء الذين استشهدوا في العدوان مع والدها"، مبينة أنها تشعر بـ"ثقل المسؤولية" على كاهلها مع بدء العام الدراسي، وتخشى من التقصير في أمور أبنائها الدراسية، خاصة أن نفسيتهم لا تزال متأثرة كثيرًا بغياب والدهم عن تفاصيل حياتهم اليومية.

والعودة للعام الدراسي عند من نزحوا عن بيوتهم ليست سهلة كذلك، فالطالبة ليان مهدي في الصف الأول الإعدادي فقدت منزلها في برج الجلاء الذي سوته طائرات الاحتلال بالأرض، ففقدت كل مقتنياتها وكتبها تحت أنقاضه.

تقول ليان لـ"فلسطين": "صحيح أننا اشترينا أغراضًا جديدة، لكن الغصة في قلبي بفقدان منزلي وغرفتي وأغراضي الشخصية كبيرة، كما أنني أعرف أن العودة إلى المدرسة ستفتح الجرح من جديد، إذ إن جميع صديقاتي سيسألنني عما حدث معنا".

وتتابع: "لم يمهلنا الاحتلال لأستمتع أنا وشقيقاتي بغرفتنا الجديدة وأثاثها الجديد"، في حين تشير والدتها شيرين مهدي إلى أن قصف المنزل أحدث صدمة لدى "ليان" وشقيقاتها، خاصة أنه "عندما تم تهديدنا بقصف المنزل لم آخذ شيئًا منه، وطمأنتهن بأن الأمر مجرد إشاعة لكن ما حدث كان العكس تمامًا، فقد سُوِّي بالأرض".

وتضيف: "ليان كانت تخبئ أغراضًا كثيرة للمدرسة حتى أنها أخذت بعضًا من ملابسها في حقيبتها المدرسية في أثناء نزوحنا من المنزل، لتبقى شاهدة على تلك اللحظة التي شاهدتها بأم عينها من بيت مجاور لمنزلنا المدمر".

وتبين أن الصدمة النفسية التي لا تزال تعانيها "ليان" جعلتها تتوجه للمرشدة النفسية بمدرستها تطلب منها أن تحرص على وضعها مع صديقاتها القديمات في الفصل، حتى لا يتغير الوضع عليها كليًّا، مردفة: "يكفي أنها فقدت المنزل، بقاؤها مع صديقاتها برأيي سيساعد على سرعة عودتها إلى الحياة الطبيعية".

وتضيف أنها وشقيقاتها لا يتوقفن عن سؤالي عن سبب قصف الاحتلال منزلنا، وما التهمة التي حاسبونا عليها، ولماذا حرمهم من ملابسهم وألعابهم وأغراض المدرسة: "فلا أجد إجابات مقنعة لهن غير أن الاحتلال يستهدف كل ما هو فلسطيني، أحاول التعالي على جراحي لأحافظ عليهن".