فلسطين أون لاين

المراهنون على بايدن كالمراهنين على صحوة عباس

لا زال يوجد كثر يعتقدون أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان الأكثر خطرا على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من بين الرؤساء الأمريكيين السابقين، وأن ولاية الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن أفضل بكثير، وهو الديمقراطي وأن رؤساء هذا الحزب يختلفون عن أقرانهم الجمهوريين!

ولكني أعتقد بما لا يدع مجالاً للشك أن الرئيس بايدن سيشكل خطراً جدياً على ثوابت الشعب الفلسطيني قد تكون أكثر فداحة من تلك التي أملاها الرئيس غريب الأطوار دونالد ترامب، وسوف يغرق بايدن عباس في مستنقع التفاوض والسمسرة على ما تبقى من الوطن.

فالرئيس الأمريكي السادس والأربعون جو بايدن ورث التضامن مع دولة العدو عن أبيه، ومنذ أربعين عاماً رصدت مراكز البحث مواقفة لتسجل أنه الأكثر إسناداً للدولة العنصرية وقد تصاعدت تصريحاته تطرفاً في دعم (تل أبيب) منذ عام 1968 حين كان عضواً في مجلس الشيوخ نائباً عن ولاية ديلاوير.

وجو بايدن زار (تل أبيب) مرتين في عامي 2010 و 2016 حين كان النائب السابع والأربعين لرئيس الولايات المتحدة باراك أوباما حين قال في مقابلة له مع قناة شالوم:

"أنا صهيوني وليس بالضرورة أن أكون يهودياً لأعتز بذلك، بل لو أن (إسرائيل) لم تكن موجودة لوجب على الولايات المتحدة صناعتها للحفاظ على مصالحنا وسأدافع عن هذه الدولة كي تكون آمنة وقوية"!

وعلى مدار تاريخ الانتخابات الأمريكية كانت العلاقة بين الحزب الديمقراطي واليهود الأمريكيين عضوية وقد كانوا وما زالوا يصوتون بأغلبيتهم الساحقة لصالح الحزب الديمقراطي بمتوسط نسبته من 68% - 75% في الوقت الذي صوت فيه اليهود لترامب بنسبة لا تزيد على 22% وقد أكدت صحيفة "جيروزاليم يوست" أن نسبة اليهود الذين صوتوا لجو بايدن كانت 75% وأن أثرياء اليهود قدموا الملايين لدعم بايدن وبأرقام غير مسبوقة.

بد من الإشارة هنا إلى أن ما قام به دونالد ترامب إبان ولايته الخامسة والأربعين في نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة ليس أكثر من إجراء إداري، وقد كان إنفاذاً للقرار السياسي الذي اتخذه الحزب الديمقراطي إبان ولاية الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون عام 1995 حين اتخذ الكونغرس الأمريكي قراره الشهير باعتبار "القدس العاصمة الموحدة والأبدية للشعب اليهودي"، وهو أعلى سلطة اشتراعية مقررة.

وأذكر أيضاً أنه في عهد الرئيس الديمقراطي بارك أوباما قدمت واشنطن أكبر دعم مالي لدولة حليفة وحتى اليوم والذي قدر بثمانية وثلاثين مليار دولار، إلى جانب تزويد الاحتلال بطائرات F.35 الموجودة فقط في "البنتاغون" وزارة الدفاع الأمريكية، في الوقت الذي يَعِد فيه بايدن الآن بتزويد جيش العدو بطائرات FA22 "رابتر"، وهي الأكثر تطوراً على الإطلاق على المستوى الكوني.

كما أن واشنطن كانت تصوت على اعتبار المستوطنات غير شرعية في الوقت الذي بدأت تتراجع مع الحزب الديمقراطي فانتقل موقفها في الهيئات الدولية من مرحلة اعتبار المستوطنات غير شرعية إلى اعتبارها عقبة ثم إلى دعم كامل في شرعنتها وكانت القدس عنوانا لذلك بدءا من غرب القدس وحتى شرقها لتصبح عاصمة للكيان النازي، وتمتد هذه السياسة الأمريكية المعادية لحق الشعب الفلسطيني في كامل وطنه منذ التأسيس غير القانوني وغير الشرعي وحتى اليوم وعلى مدار كل محطات الصراع. ويكفي أن نذكر أن واشنطن صوتت في مجلس الأمن بـ 87 فيتو ضد حقوق الشعب الفلسطيني وفي دعم سلطة التعاون الأمني، عرابة التقاسم الوظيفي وحقن الحياة في أوصالها المتهالكة على المستويات الأمنية والاقتصادية في محاولة بائسة ويائسة لإنعاشها وآخرها الاتفاق الرباعي التآمري لعباس مع العدو بدعم أمريكي بريطاني، حين زار رئيس وكالة السي آي ايه وليم بيرنز ورئيس الاستخبارات البريطانية ريتشارد مور مقاطعة عار أوسلو لوقف المد الشعبي المتصاعد بعد معارك المجد لـ"سيف القدس" في الضفة الفلسطينية المحتلة وفي الداخل الفلسطيني والذخر الإستراتيجي للمقاومة الباسلة في قطاع غزة.