استطاع أهالي بلدة سلوان جنوب القدس المحتلة، انتزاع قرارًا بتجميد إزالة 65 منزلًا ومنشأة من أنياب سلطات الاحتلال لمدة ستة أشهر، من خلال صمودهم وثباتهم ورفضهم الانصياع لقرارات محكمة الاحتلال التي تمارس عليهم ضغوطًا لترك منازلهم، لصالح المستوطنين.
ومن الواضح أيضًا أن سلطات الاحتلال باتت تخشى رد فعل المقاومة الفلسطينية قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بهدم منازل المواطنين في سلوان وأحيائها، وذلك عقب معركة "سيف القدس" التي اندلعت في نهاية شهر مايو الماضي، واستطاعت خلالها المقاومة فرض معادلات جديدة، وفق ما يرى سكان البلدة.
وقررت محكمة الاحتلال المركزية في القدس المحتلة الأربعاء، تجميد قرار هدم منازل بحي البستان في بلدة سلوان لمدة 6 أشهر، حتى شباط/ فبراير 2022، باستثناء 17 منشأة تخضع لقانون "كامينتس" حيث لا يمكن الاعتراض على قرارات هدمها أو تجميدها.
يقول أحد المتضررين من قرارات الهدم في سلوان مراد أبو شافع: إن قرارات الهدم "سياسية" وتهدف إلى إخلاء الناس وتهجيرهم وهدم البيوت.
وأكد أبو شافع خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن صمود المواطنين في أراضيهم جعل الاحتلال يحسب ألف حساب عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالتهجير وهدم البيوت.
وأضاف أن "ثبات المواطنين حق شرعي، وأنهم سيبقون داخل بيوتهم وليس على ركامهم".
وبيّن أبو شافع أن الاحتلال استغل قرار "كامينتس" الذي أصدره عام 2017، من أجل الانقضاض على أهالي البلدة، وهو ما جرى مع الـ 16 عائلة التي تم استثناءها من قرار التجميد.
وقانون "كامينتس" دخل حيز التنفيذ في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، بعد أن سنّته كتل اليمين المتطرف في الكنيست الإسرائيلي، وهدفه المعلن "محاربة البناء غير المرخص"، لكن هدفه الحقيقي محاربة البناء العربي وهدم منازل العرب ووقف عملية التمدد العمراني للفلسطينيين.
وبناء على هذا القانون؛ ينعدم أي مسار قانوني يمكن سلوكه لتأجيل أو منع الهدم للمنازل التي بنيت منذ عام 2017 فصاعدًا.
وبحسب أبو شافع، فإنه بعد صدور قرار المحكمة بتجميد الهدم، توجه الاحتلال للحي الملاصق لحي البستان، وهدم شقتين لعائلة عودة، بهدف التنغيص عليهم "بقرار التجميد"، مشيرًا إلى أن أهالي البلدة يطالبون بتجميد القرارات بشكل دائم وليس "مؤقت".
الحراك الجماهيري
يؤكد الناطق باسم أهالي بلدة سلوان فخري أبو دياب، أن الحراك الجماهيري والضغط الدولي أدى لانتزاع قرار تجميد أغلبية المنازل لمدة 6 شهور، مع استثناء 16 منشأة ضمن قانون "كامينتس".
ورأى أبو دياب خلال حديثه مع "فلسطين"، أن الاحتلال يخشى ردة فعل الشارع المقدسي والمقاومة الفلسطينية وتكرار سيناريو معركة "سيف القدس" الأخيرة التي اندلعت عقب إجراءاته في حي الشيخ جراح وغيرها من البلدات المقدسية، لذلك اضطر لتأجيل قرار الهدم.
واعتبر قرار محكمة الاحتلال، جاء "نتيجة خوف الاحتلال من الشارع المقدسي"، لافتًا إلى أن سلطات الاحتلال والبلديات تظّن أن يتراخى المجتمع المقدسي عن مواصلة الدعم والصمود في أرضه، إضافة إلى الضغط الدولي على الاحتلال.
وحذّر من أن الاحتلال لديه نية بهدم الحي بشكل كامل، لكن تخوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من ردة فعل الشارع المقدسي والمقاومة الفلسطينية جعلته يتراجع عن قراره.
وأشار إلى أن المؤسسة الأمنية أصبحت تحسب حسابًا لردة فعل الشارع الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، حيث أن "سيف القدس" ما زالت مسلطة على رقبة الاحتلال.
وكانت بلدية الاحتلال بالقدس قد رفضت في شهر آذار/ مارس الماضي، المخططات الهندسية لحي البستان في بلدة سلوان، وأمرت المحكمة بعدم تمديد تجميد قرارات هدم منازل الحي.
وتخطط سلطات الاحتلال لإقامة "حديقة توراتية" على أنقاض منازل حي البستان.
ويمتد حي البستان على مساحة 70 دونمًا ويسكنه 1550 فلسطينيًّا، ومنذ عام 2005 تسعى سلطات الاحتلال لهدم منازل الحي، البالغ عددها أكثر من مئة منزل، بحجة بناء حديقة توراتية مكانه.