يثير التعمد الإسرائيلي تهويد المقدسات الإسلامية وتنفيذ المزيد من مشاريع التوسّع الاستيطاني في القدس والضفة المحتلتيْن، تساؤلات عديدة حول دور السلطة في حماية المقدسات ومواجهة الاستيطان الذي جاء على حساب مساحات واسعة من أراضي المواطنين الفلسطينيين المحتلة.
ولا تقتصر الانتهاكات على منطقة معينة سواء في القدس أو الضفة الغربية، بل إن الممارسات الاستيطانية والاستفزازية بحق المقدسات، شملتها جميعًا في إطار مخطط إسرائيلي محكم منذ سنوات بهدف السيطرة على المزيد من الأراضي المحتلة.
ويقول الباحث في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش: إن دور السلطة في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي لا يتعدى الشجب والإدانة، وقد اعتادت على ذلك كما اعتاده الاحتلال الذي يواصل عمليات الاستيطان رغم حالة الرفض الدولي له.
وبيَّن حنتش لـ"فلسطين"، أن ردود السلطة غير حقيقية وغير واقعية، وتتعامل معها حكومة الاحتلال على أنها "ردود فعل لا قيمة لها ولا تغني أو تسمن من جوع".
"ولذلك، فإن الاحتلال مستمر في تنفيذ مخططه الاستيطاني ليس في منطقة واحدة، ويعمل على تهويد الأراضي المحتلة ومصادرة أكبر جزء منها لبناء المستعمرات، وهذا مؤشرٌ خطِر للمواطن الفلسطيني" كما يقول حنتش.
وذكر أن السلطة أنشأت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وهي تنظم فعاليات مقاومة شعبية، لكن ذلك لا يكفي، مضيفًا: إننا "نتطلع لموقف سياسي حازم تجاه ما يجري من انتهاكات إسرائيلية واستمرار لمشاريع الاستيطان، تجاه حكومة الاحتلال الإسرائيلي".
ونبَّه إلى أن "الأراضي المحتلة هي أساس صراعنا مع الاحتلال، وإذا صودرت هذه الأراضي لن نبقى عليها على الإطلاق، وسيلجأ الاحتلال لعملية تهجير مجددة كما حدث إبَّان النكبة سنة 1948، حيث هجرت العصابات الصهيونية مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم واستولت عليها".
وأكمل: "اليوم نواجه نفس الطريقة التي تقرها وتنفذها منظمات إرهابية صهيونية وتصدّق عليها حكومة الاحتلال".
وأكد حنتش أن المطلوب من السلطة هو التخلي عن اتفاق (أوسلو) التي تخلى عنه الاحتلال أصلًا، لكن السلطة ما زالت تتمسك به، وهذا يعني منح الاحتلال ضوءًا أخضر لمصادرة الأراضي والاستيطان فيها.
من جهته، قال مدير الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل في جنوبي الضفة الغربية المحتلة حفظي أبو سنينة، في رده على تواصل انتهاكات بحق المقدسات: إن "الحرم يمثل عنوانًا لمدينة الخليل، لما يحظى به من أهمية دينية وتاريخية كبيرة لدى المسلمين".
وأضاف أبو سنينة: يطالعنا الاحتلال كل يوم باعتداءات متكررة كان آخرها إحضار آليات عسكرية لتجريف ساحات الحرم، لنيتهم إنشاء مسار سياحي ومصعد كهربائي في الأراضي التابعة للأوقاف الإسلامية قرب الحرم الإبراهيمي".
وعدًّ ذلك تحديًا خطِرًا يؤجج المنطقة لإحداث صراعات في المنطقة قرب الحرم ويترك تداعيات خطِرة عليه.
وقال: إن "الاحتلال يسعى من وراء مخططاته الاستيطانية التهويدية إلى تفريغ الحرم الإبراهيمي ومحيطة من المواطنين ولا يسمح لأي وافد للمسجد أو زائر دخول الحرم إلا بعد التدقيق في بطاقات المواطنين".
وبيَّن أبو سنينة أن الأوقاف الإسلامية هي من تتابع شؤون الحرم الإبراهيمي، وتقوم بدورها في إعلام المؤسسات الدولية ومنها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، بشؤون الحرم والتي تعتبره على قائمة التراث الحضاري، وتدعو دائمًا الجماهير إلى حماية الحرم والرباط فيه.