في بيت شبه متهالك، تعيش فتحية كريشان وأطفالها دون أي قدرة على ترميم وإصلاح أي جزء منه، خاصة أن زوجها توفي منذ خمس سنوات، تاركا لها 10 أبناء.
حياة فتحية من دير البلح وسط قطاع غزة تحولت إلى جحيم لا يطاق، وفق وصفها، فالبيت قديم متهالك، وليس باستطاعتها ترميم غير غرفة لتزويج ابنها فيها، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب.
جاءت فتحية لتشارك في وقفة تضامنية لأيتام غزة أقامتها جمعية دار اليتيم الفلسطيني، صباح أمس بمدينة غزة، لتسليط الضوء على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها آلاف الأيتام، عقب توقف كفالاتهم بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 15 عاما.
فأطفال فتحية الصغار الأربعة يعانون بشدة منذ وفاة والدهم، لعدم وصول الكفالات إليهم، فرغم تسجيلهم في عدد من الجمعيات الخيرية فإن ما يصل إليهم من مساعدات قليل جدا، وعلى فترات متباعدة، إذ لم يصل سوى كفالة ابنتها الصغيرة للدراسة في مدرسة خاصة.
وتشير في حديث لصحيفة "فلسطين" إلى أنه لم يتبقَّ لبدء العام الدراسي إلا بضعة أيام، غير أنها لم تشترِ لأطفالها أي شيء للمدارس بسبب عدم توفر المال لديها، لافتة إلى أنها ستحاول ككل عام تدبير أمورهم باستصلاح ملابسهم التي توفرت لهم الأعوام الماضية.
حال فتحية كحال عشرات الآلاف من أيتام قطاع غزة الذين زاد عددهم بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على القطاع، وأدت إلى فقدان الأسر معيليها.
أما هناء نصار من دير البلح، فلديها طفلان حضرا معها للمشاركة في الوقفة التضامنية، تعيش معاناة مستمرة بسبب سكنها في بيت للإيجار، وتخشى من يوم تجد فيه نفسها وطفليها في الشارع حينما تصبح غير قادرة على دفع قيمة الإيجار.
تقول في حديث لـ"فلسطين": إن زوجها توفي فجأة عن عمر يناهز 48 عاما، إذ كان مريض ضغط وسكر، لافتة إلى أنه رغم الظروف المعيشية الصعبة وسكنها بالإيجار لم تتلقَّ أي مساعدة أو كفالة من أي جهة.
وتضيف نصار "لم أتمكن بسبب قلة المال من توكيل محام ليجهز لي عقد إيجار أقدمه لوزارة التنمية الاجتماعية لتسجيل طفليّ بصفتهما أيتامًا يستحقون صرف شيكات الشؤون، كما أن بيتي يخلو من مقومات الحياة عدا الغسالة التي تبرع بها أحد المتصدقين، فلا يوجد لديّ ثلاجة، ونعيش على جرة غاز بوزن 2 كيلو فقط".
وأوضحت أن ابنتها هبة في الصف الرابع الابتدائي وأحمد في الثاني، ولم تتمكن من شراء أي زي مدرسي لهما، وأنها ستكتفي بما لديهما من العام الماضي، وما قد يأتيها من مساعدات أهل الخير.
مدير جمعية دار اليتيم فرع غزة م. محمد مقبل، أكد أن الاحتلال لم يكتفِ بقتل الفلسطينيين والقضاء على عائلات بأكملها، بل زاد من وطأة الحصار أكثر بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخاصة لعائلات الأيتام، مشيرا إلى أن 60% من سكان القطاع هم من الأطفال، وهم الشريحة الأكثر تضررا من العدوان والحصار.
وقال مقبل في كلمة له خلال الفعالية: إن المؤسسات الخيرية العاملة في قطاع غزة تعاني على مدار سنوات طويلة لخدمة نحو 17 ألف يتيم في القطاع، بسبب إغلاق عشرات الحسابات وتجفيف منابع الدعم التي تعد المتنفس الوحيد الذي تصل عبره المساعدات للأيتام.
وأضاف أن الجمعيات الخيرية المعنية بكفالات الأيتام تعاني صعوبة التحويلات وتلقي الأموال عبر البنوك الرسمية، بسبب إغلاق الحسابات الرسمية الخاصة بها، وهو ما خلق أزمة سيولة حادة في القطاع، وأثر في عملها بالكامل.
وناشد في رسالة إنسانية وجهها للعالم العربي والإسلامي والدولي لإنقاذ أيتام فلسطين عمومًا وأيتام القطاع خصوصًا.