كشفت دراسة جديدة أن أجزاء كبيرة من أكبر غابة استوائية في العالم بدأت في إطلاق انبعاث ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تمتصه. ويقول العلماء إن الجنوب الشرقي من غابة الأمازون هو الأكثر تضرراً مع ارتفاع معدلات قطع الأشجار والاندلاع المتزايد للحرائق بسبب ارتفاع درجات الحرارة هناك بمقدار ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي خلال الأشهر الأكثر حرارة.
هذه المناطق من كوكب الأرض والتي تمتص الكثير من الكربون من الغلاف الجوي أكثر مما تخزنه تعرف باسم المصارف. وكان الدور الذي لعبته في امتصاص الكربون عاملاً حاسمًا في منع تسارع معدلات تغير المناخ. منذ الستينيات استوعبت هذه المصارف حوالي 25٪ من انبعاثات الكربون الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري.
غابات الأمازون - موطن أكبر غابة استوائية في العالم - كان لها دور رئيسي في امتصاص وتخزين الكثير من هذا الكربون. لكن التداعيات المتزايدة لتغير المناخ وإزالة الغابات تلقي بظلالها على أكبر إسفنجة تمتص ثاني أكسيد الكربون على كوكبنا.
في وقت سابق من هذا العام أظهرت دراسة أن الغابات المطيرة في البرازيل أطلقت حوالي 20٪ من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وهي نسبة أكبر مما استهلكته خلال الفترة من 2010-2019.
وتؤكد هذه الدراسة على أن بعض مناطق الغابات المطيرة كانت "مصدرًا متزايدًا بشكل طردي" للكربون بين عامي 2010 و 2018. كان الباحثون قد استخدموا الطائرات لأخذ حوالي 600 عينة من الهواء فوق أجزاء مختارة من الغابات المطيرة على مدار سنوات الدراسة. ووجدوا تباينًا واضحًا جدًا بين الأجزاء الشرقية والغربية من الغابات المطيرة.
وقالت الباحثة الرئيسية لوسيانا جاتي مع المعهد الوطني البرازيلي لأبحاث الفضاء "في الجزء الشرقي من الأمازون حيث أزيلت حوالي 30٪ من الأشجار وجدنا أن هذه المنطقة تنبعث منها 10 أضعاف الكربون مقارنة بالجزء الغربي حيث أزيل حوالي 11٪ من أشجارها).
وتابعت: "هذا تأثير هائل لأننا نصدر ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي وهو ما يسرع تغير المناخ ويعزز التغييرات في ظروف موسم الجفاف والتي ستضغط على الأشجار لتنتج المزيد من الانبعاثات".
ويقول الباحثون إن الغابة الواقعة في الجنوب الشرقي من الأمازون قد تضررت بشدة من عملية إزالة الغابات وتغير المناخ.
وفي هذه المنطقة تحديدًا ارتفعت درجات الحرارة في أكثر شهرين سخونة في العام بمقدار 3.07 درجة مئوية - وهي نفس الزيادة تقريبًا التي شوهدت في القطب الشمالي.
ويشعر الباحثون بالقلق من أن تغير المناخ يتدخل أيضًا في هطول الأمطار وهو ما يمكن أن يكون له عواقب فورية على البرازيل.
وقالت الدكتورة جاتي "هذه أنباء سيئة للغاية للجميع ولكن سيئة بشكل خاص للبرازيل". "سيكون لدينا الكثير من المشاكل إذا ما حدث نقص في هطول الأمطار مثل ارتفاع تكلفة الكهرباء الناتجة عن الطاقة الكهرومائية و خسائر فادحة في الزراعة".
ويقول علماء آخرون يعملون في هذا المجال إن النتائج الأخيرة تتوافق مع التغييرات التي أظهرتها بالفعل مجموعة من الدراسات.
وقالت نانسي هاريس من معهد الموارد العالمية "بات الأمر واضحا أن الأمازون في مأزق لقد ابتليت المنطقة بالانبعاثات المرتفعة الناتجة عن إزالة الغابات لعقود من الزمن، وستصبح تأثيرات تغير المناخ على الغابات مثل الجفاف والحرائق والموت الناجم عن الحرارة أكثر شيوعًا خلال الفترة القادمة"