محمد الخضري خمس عشرة سنة، نصفها مع وقف التنفيذ، محمد عابد اثنتان وعشرون سنة، محمد البنا عشرون سنة، وآخرون بين الأربع سنوات والخمس عشرة سنة، ولا داعي لذكر بقية الأسماء. هذه هي أحكام الأشقاء السعوديين على إخوانهم من أبناء فلسطين المقيمين في المملكة ممن اتهموا بجمع التبرعات لحركة حماس وفقراء غزة واعتقلوا قبل ثلاث سنوات تقريبًا، المعتقلون ربما يصلون لأربعة وستين معتقلًا، كلهم أصحاب أسر مقيمة في المملكة إقامة قانونية، بعضهم تفاعل مع قضية شعبه ووطنه، وأسهم في جمع بعض التبرعات لفلسطين، وللأسر الفقيرة والضعيفة، وكان عملهم فيما مضى في هذا المجال مشروعًا، وربما كان الملك سلمان رئيسًا لحملة التبرعات الشعبية لفلسطين يوم كان حاكمًا للرياض.
المملكة تفتخر بأنها الدولة والشعب الأكثر دعمًا للفلسطينيين، والدولة التي تحتضن قضية فلسطين وتدافع عنها في المحافل الدولية. وفلسطين تحترم تاريخ المملكة ومساعداتها المالية والسياسية، لذا فإن فلسطين كل فلسطين تشعر بالصدمة الكبيرة من التحول في موقف المملكة، الذي أسفر عن أحكام قضائية ضد عدد من أبناء فلسطين عملوا لقضيتهم التي تقول المملكة إنها شريك عربي مهم في العمل لها؟!
كل التقارير تثبت أن المعتقلين لم يعملوا شيئًا يضر بالمملكة، ولا بسيادتها، ولا بقوانينها المنظمة للإقامة فيها، وإن ما قام به هؤلاء الذين صدموا بهذه الأحكام القاسية له علاقة بفلسطين فحسب، وليس بعد فلسطين شيء.
العقل الفلسطيني يبدو غير قادر على استيعاب هذه الأحكام السياسية، ويتساءل لماذا أصدرت المملكة هذه الأحكام القاسية على أبناء فلسطين، وتاريخ المملكة يقول إنه لم تصدر أحكام قاسية كهذه في حق من تجسسوا على المملكة، وتخابروا مع أعداء المملكة؟! هل بات الفلسطيني أشد خطرًا على المملكة من الخونة والجواسيس؟!
الأحكام القاسية هذه من شأنها أن تدمر حياة أسر عديدة، ومستقبل شباب عديدين، ومن أصدرها سيسأل عنها يقوم القيامة! ولماذا أدان من عمل لفلسطين؟! والله أمرنا أن نعمل لفلسطين إذا ما احتلها عدو مجرم يشرك بالله!
فلسطين كانت مسلمة وستعود مسلمة إن شاء الله، والعمل لها واجب على أبنائها وواجب على الشعب السعودي وعلى قادته وقضاته. هذه في نظري أحكام سياسية ممهورة بإمضاء قضائي، وبمكنة الملك وحده أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويعفو عن المحكومين، وبمكنته أن يعيدهم لبلادهم ويمنعهم من دخول المملكة ثانية إذا كان متخوفًا منهم!
الأحكام القاسية هذه لن توقف عمل الفلسطيني لقضيته حيثما كان، والعمل لفلسطين من القضايا الجهادية التي يتقرب بها المسلمون إلى الله. كالعمل الجهادي في حماية الكعبة والمسجد النبوي.