"حمى الله قضية العصر، القضية الفلسطينية، من أعدائها ومن أهلها على حد سواء"، بهذه الكلمات اختتم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى رسالة استقالته من رئاسة مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات، ما يعكس وجود تجاوزات كبيرة في تلك المؤسسة.
وجاءت استقالة موسى من المؤسسة الأربعاء الماضي بعد سلسلة من القرارات التي اتخذها رئيس السلطة محمود عباس، ومسَّت المؤسسة، في محاولة للقضاء على إرث الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكان أبرزها وقف الدعم المالي عن المؤسسة وإقالة رئيسها ناصر القدوة في إثر خلافات تنظيمية.
وسبق استقالة موسى، تقديم عضو مجلس الأمناء للمؤسسة د.نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، استقالته أيضًا من المؤسسة.
ورغم أن المؤسسة تتمتع بالاستقلالية القانونية والمالية والإدارية ويقود عملها هيئاتها القيادية، إلا أن عباس تدخّل فيها من خلال إقالة رئيسها وتعيين رئيس جديد لها.
وتتلقى المؤسسة دعمًا حكوميًّا، وتقوم بمهام ذات طابع حكومي تجاه تراث الرئيس الراحل، وكان الهدف من تأسيسها عام 2007، المحافظة على تراث عرفات، وتنفيذ أنشطة خيرية وإنسانية واجتماعية وأكاديمية خدمةً للشعب الفلسطيني.
الكاتب السياسي أحمد الأشقر أكد أن تقديم موسى استقالته من مؤسسة ياسر عرفات، يعكس مستوى "الشخصنة" الذي وصلت إليها إدارة الشأن الفلسطيني من السلطة ورئيسها.
وقال الأشقر في حديثه لصحيفة "فلسطين": إن ما قاله موسى في استقالته "يعكس الحالة التي وصلت إلى الحضيض في واقعنا، وهو الأمر الذي ينعكس الآن على صورتنا في الخارج بشكل كبير".
وأضاف أن إدارة المؤسسات الفلسطينية أصبحت تدار بـ"منطق الشخصنة"، وصار ذلك واضحًا للجميع، مرجعًا استقالة موسى من رئاسة مجلس أمناء مؤسسة ياسر عرفات إلى "ربما إقالة رئيس السلطة رئيسها القدوة".
وذكر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تيسير خالد، أن استقالة موسى وفهمي من مؤسسة عرفات، "لها أكثر من معنى، إذ كان الأجدر إبعاد العمل في المؤسسة عن الخلافات السياسية، والحفاظ عليها عنوانًا نصون من خلاله اسم وإرث وتاريخ عرفات، الذي كثيرًا ما اختلفنا معه لكننا لم نختلف عليه، فقد كان حقًّا زعيمًا ليس كغيره من الزعماء".
وقال الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب: إن استقالة موسى من مؤسسة عرفات تعود أسبابها إلى الإجراءات الأخيرة الفردية التي اتخذها عباس بحق المؤسسة دون العودة للجهة المتعلق بها الأمر.
وأضاف حبيب في حديثه لـ"فلسطين أن مؤسسة عرفات كبيرة تعتمد على أسس تنظيمية ونظام داخلي متين وقوي، لكن عند اتخذ عباس قرار تعيين مجلس إدارة جديدة برئاسة نبيل شعت دون العودة إلى رئاسة مجلس الأمناء للمؤسسة، أدى إلى استقالة عدد من أعضاء الأمانة العامة لرئاستها.
وتابع أن الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عاش حياة مؤسساتية، إلى جانب أعضاء رئاسة مجلس أمناء المؤسسة، ولا يرضيهم اتخاذ القرارات من خلف ظهورهم، وبشكل فردي كمل فعل عباس.
وأكد أن استقالة موسى وفهمي، وربما شخصيات أخرى من مجلس أمناء المؤسسة، سيؤثر على العمل المؤسسي لها وأهدافها التي وضعتها.
وأردف أن التشكيل الجديد للمؤسسة والتفرُّد من عباس وعدم احترامه نظام المؤسسة الداخلي، سيكون له نتائج سلبية.