على مدار عامٍ متواصل من الدراسة والجد، كانت تعلّق طالبة الثانوية العامة غيداء أبو ضباع، على جدران غرفتها لوحات خطّت عليها عبارة "الأولى على الوطن"، بعدما كانت تحسب درجاتها عُشْرًا عُشْرًا في أثناء عودتها من الاختبارات النهائية، ليتحول هذا الحلم إلى حقيقة.
الطالبة "أبو ضباع" تقطن في محافظة رفح جنوب قطاع غزة، حصلت على مُعدل 99.7% في الفرع الأدبي، لتسجّل لقب "الأول مكرر على مستوى الوطن" كما كانت تحلم، وهو ما اعتبرته إنجازًا كبيرًا لها وعائلتها.
دقت نبضات الفرح في قلب "أبو ضباع"، فأخذت تحتفل بهذا الإنجاز برفقة عائلتها التي كانت خير سندٍ لها طيلة العام، ولفيف من الأقارب والجيران.
"كرنفال السعادة".. بهذه الكلمات وصفت لحظة تلقيها خبر التفوق، الذي حوّل جنبات منزلها الواقع في الحي السعودي غرب رفح، من حالة ترقب وتوتر، إلى زغاريد وأحضان وقبلات طبعت على جبينها.
بعد هذا الكم من السعادة، صمتت قليلًا ثم أخذت نفسًا عميقًا، لتردد عقبها: "هذا التفوق جاء بعد معاناة كبيرة، وتوتر واجتهاد على مدار عام متواصل (...) الحمد لله الذي وفقنا".
وتضيف خلال لقائها مراسل "فلسطين" الذي زارها في منزلها: "إن المعاناة الأكبر كانت في أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، إضافة إلى جائحة كورونا التي فرضت قيودًا على التعليم الوجاهي وحوّلته إلكترونيًّا".
وعلى الرغم من هذه الظروف النفسية القاسية التي رافقت "أبو ضباع" طيلة أيام الدراسة، فإنها لم تقف حاجزًا أمام تحقيق طموحاتها وعائلتها التي كانت تنتظر لحظات الفرح على أحر من الجمر".
ولم يكن أمامها سوى طلب المساعدة من معلماتها في مدرسة مريم فرحات الثانوية للبنات في رفح، من أجل اجتياز هذه الظروف الصعبة، إضافة إلى المساندة والدعم من عائلتها التي وفرت لها كل المتطلبات المعنوية والمادية، كما تروي.
ثم تقول: "من يزرع يحصد، وأنا حصدت ما زرعته تفوقا وفرحا وزغاريد"، مشيرة أنها لا تستطيع وصف مشاعرها وسعادتها بالكلمات.
ونبهت أنها لم تحسم قرارها بعدُ بشأن التخصص الذي ستخوض غماره في المرحلة الجامعية، خاصة أنها مترددة بين القانون واللغات وعدد من التخصصات الأخرى.
وحثت أبو ضباع الطلبة المقبلين على المرحلة الثانوية بأن يحددوا أهدافهم جيدًا، ثم العمل على تحقيقها بالجد والاجتهاد ووضع خطة عملية واقعية.
أما والدتها، التي شاركتها فرحتها، فقالت: إن "غيداء" مرت بظروف صعبة، خصوصا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، جعلتها تهجر الكتب مدة من الزمن.
وأشارت إلى أنها وعائلتها حاولوا قدر الإمكان توفير ظروف مناسبة ومثالية للدراسة والمذاكرة، على الرغم من الأزمات التي مرت بها العائلة وكل عائلات قطاع غزة، كانقطاع التيار الكهربائي وظروف الحصار.