يسيطر على الاحتلال الإسرائيلي وقادته الجدد نظام الصوت العالي بإصدار التهديدات هنا وهناك، وفي كل الجبهات، وبينها التعامل مع غزة، وفي ذلك يقال الكثير في الفجوة بين الأقوال والأفعال.
الحكومة الحالية في (تل أبيب)، تهتم كثيرا بالمزاج الصهيوني الداخلي، ومحاولة خلق صورة مغايرة عمّا كان في عهد الحكومة الغابرة التي قادها نتنياهو.
يدخل في ذلك عدة عوامل يصعب تجاهلها، إذ هو ملزم دفع الثمن بعد معركة سيف القدس، وإعادة الأوضاع لما كانت عليه قبل 11 مايو الماضي، عندما أطلقت المقاومة صواريخها تجاه مستوطنات محيط القدس و(تل أبيب)، وأرست قواعد جديدة توحد فيها الجبهات الفلسطينية بين غزة والضفة وفلسطين المحتلة عام 48، وكذلك تحريك الجبهات مع الأردن ولبنان، ومحورها الدفاع عن القدس، وهي معادلة لم تكُن منذ 1967.
يحاول الاحتلال جاهدًا الهرب من دفع الثمن على جبهة غزة التي قادت المواجهة، لكنه في الواقع يخضع ويخنع للمقاومة في غزة، بل يخضع للتهديدات التي ينقلها الوسطاء كما حدث الأسبوع الماضي، وهو يعرف جيدًا -وفق تقارير الاستخبارات- أن خيارات المناورة والمماطلة محدودة، وهو يدرك خطر استمرار الحصار والتضييق، اعتقادًا منه أنه بذلك يُدفِّع المقاومة الثمن ومن خلفها الحاضنة الشعبية، لكن في الواقع سيكون من الصعب على الاحتلال القدرة على تحمل الذهاب لمواجهة جديدة.
نجحت المقاومة في فرض معادلة القدس، في حين فشل الاحتلال في المواجهة الأخيرة، وفشل في إرساء أي قاعدة تحدث عنها، سوى أنها استعراضية لإرضاء الجبهة الداخلية، وإصدار تصريحات فارغة من مضمونها تجاه غزة، كما يفعل رئيس حكومة الاحتلال، نفتالي بينيت الذي فشل سابقًا في وزارة الجيش، كما وقع زميله أفيغدور ليبرمان في الفشل نفسه ومعه الوزير الحالي غينتس.
الإجراءات التي اتخذها وسيتخذها تجاه غزة، ينفذها مُجبَرٌ عليها، وسينفذها ويخضع لمعادلة المقاومة التي أرستها، وستفشل معادلاته مجددًا.