فلسطين أون لاين

​القدس في ذكرى احتلالها

بعد أن أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زوابع من التوقعات السلمية قبل وفي أثناء زياراته ولقاءاته في السعودية والضفة و(تل أبيب)؛ يخرج علينا الكونغرس الأميركي بقرار يشكل صفعة لكل ما قيل عن "السلام"، حين أكد استعداده إلى الاحتفال يوم ٦ حزيران الجاري بذكرى ما أسموه "توحيد القدس"، بالتزامن مع احتفال الكنيست الإسرائيلي في اليوم نفسه بهذه المناسبة الحزيرانية.

الكونغرس يؤيد بفعله هذا ضم القدس ويؤيد بالضرورة نقل السفارة الأميركية إليها، ويناقض بذلك كل المساعي والمطالب "السلمية"، وكل القرارات الدولية التي تؤكد أن كل الضفة _وفيها القدس_ هي أراض محتلة في عام ١٩٦٧م، وأن ضم الكيان العبري لها باطل قانونًا.

ومما يزيد الأمور تعقيدًا أن هذا القرار يجيء وسط احتفالات إسرائيلية رسمية وشعبية بـ"توحيد" القدس، وعقد حكومة نتنياهو اجتماعًا في أحد الانفاق تحت الحرم القدسي، وتخصيص خمسين مليون شيكل لتعميق عملية تهويد المدينة، إضافة إلى قرارات أخرى عديدة كبناء وحدات استيطانية جديدة، وفي المقابل يمنع الاحتلال وبلدية المدينة إعطاء المقدسيين تراخيص بناء، ويعمل الاحتلال على تطبيق القانون الإسرائيلي عليها كبلدة خالية من السكان، لأن الكيان عد سكان القدس وأهلها عام 1967م "سياحًا أردنيين وجدوا في القدس مصادفة عند تحريرها (احتلالها)"، وأعطاهم تأشيرة إقامة وفقًا لقانون الدخول إليه الذي يُطبق حتى اليوم على كل من يدخل إلى أراضي الـ(48) من سياح أو زوار أجانب عبر الموانئ البرية والجوية والبحرية.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية مخططًا لـ"أسرلة" التعليم في المدينة المقدسة، وفرض مناهجها على المدارس، ابتداء من الصفوف الأولى، وستعمل على تطبيقه كاملًا في السنوات القريبة القادمة، وهي تخطط لإقامة قطار هوائي يمر فوق القدس القديمة ويصل إلى حائط البراق (المبكى كما يسمونه) بهدف تغيير ملامح المدينة، وإضفاء عليها الطابع اليهودي.

وهناك تقارير مختلفة تؤكد توجه الاحتلال إلى فصل بعض أحياء القدس كمخيم شعفاط للاجئين، كما فعل بالجدار مع أحياء الشمال مثل قلنديا وسميراميس وكفر عقب، وذلك لتعزيز الأغلبية اليهودية.

كل هذه الإجراءات المتسارعة لتهويد المدينة تأتي متماشية مع نوايا إدارة ترامب التي لا تزال ماضية في نقل سفارة بلادها إلى المدينة، تمهيدًا للاعتراف بها عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، يتزامن هذا وذكرى احتلالها عام 1967م، ويرافق كل هذه الممارسات أقوال رسمية واضحة لا لبس فيها، يؤكدون خلالها أن القدس ستبقى موحدة إلى الأبد وعاصمة دائمة لاحتلال بضوء أخضر من إدارة ترامب.