منذ أكثر من ثلاثة أعوام تجمع مدرسون وموظفون من جامعة النجاح لشراء قطعة أرض من أحد العاملين في تجارة الأراضي وهو من نابلس، وكنت أنا أحدهم. قطعة الأرض كانت تسجيل مالية ولم تكن مسجلة طابو، ومملوكة من قبل عدد لا بأس به من الأشخاص داخل فلسطين وخارجها. اتفقنا مع الشخص على كيفية الدفع وبتلازم مع خطوات تسجيل الأرض وإفرازها، إلخ. ولا شك أن هذا الشخص قد بذل جهدًا كبيرًا في إجراءات التسجيل المجدد، والبحث عن المالكين، وجمع موافقاتهم وتواقيعهم. ومن الناحية الوطنية، هذا جهد مبارك لأنه يصب في خانة تمليك الأرض وفق الأصول وإعمارها. ونحن بحاجة ماسة لمثل هذا النشاط لكي يتمكن الناس من استغلال أراضيهم سواء في الزراعة أو بناء البيوت أو إقامة المشاريع، وهو جزء عظيم في مواجهة الاستيطان الصهيوني.
لقد واجهتنا مشكلة كبيرة من قبل وزارة الحكم المحلي والتي لم نكن على وعي مسبق بها. لقد تورطنا مع هذه الوزارة التي لم أشعر أنها معنية بوطن أو بمكافحة الاستيطان. لقد وظفنا الكثير من الجهد والمال والوقت والمعاناة بسبب ما لدى هذه الوزارة من عراقيل. لدى الحكم المحلي متطلبات كثيرة معقدة وإجراءات إدارية بطيئة وأحيانًا غير منطقية. مفهوم أن مسألة الأراضي والمصادقة على معاملاتها ليست سهلة لأنها تتعلق بحقوق الناس، لكن ارتفاع منسوب التعقيد وكثرة الطلبات والمتطلبات تعمي القلوب وتعطل أعمال الناس ومصالحهم، وهي لا تشير إلى حرص بقدر ما تشير إلى تعطيل. منذ أكثر من ثلاث سنوات ونحن نلهث وراء وزارة الحكم المحلي من أجل إنجاز العمل والحصول على ورقة تسجيل الأرض التي فرزناها وفق الأصول ووفق القوانين المرعية، وحتى الآن ما زال النضال مستمرًا من أجل أن نتمكن من الحصول على ما يسمى قوشان الطابو. كلما أنجزنا مرحلة يُدخلنا الحكم المحلي بمرحلة أخرى، وكل مرحلة تتطلب أشهرًا حتى تُنجز. والكثير من العمل يعطله كسل الموظفين في القيام بواجباتهم المكتبية. وهنا أسوق مثلًا: أنجزنا مهمة كبيرة العام الماضي وقبل حلول شهر رمضان. وكان على الحكم المحلي بنابلس أن يرسل المعاملة إلى رام الله لتوقيع هيئة أعلى إداريًا. وقد وعدونا بسرعة العمل. راجعت أنا شخصيًا الحكم المحلي بنابلس بعد شهر رمضان، فقالوا لي إن المعاملة لم تخرج من نابلس. لماذا؟ قالوا إنهم لم يعملوا في رمضان. فسألت فيما إذا كانوا قد تقاضوا راتبًا عن شهر النوم فأجابوا بنعم. تعطيل المصالح هذا على حساب من؟ وهل سيغفر الله الذنوب لمن يصوم في رمضان وهو نائم؟
الآن نحن المشاركين في شراء الأرض جمعنا الأموال اللازمة لفتح الشوارع وفق ما هو مصادق عليه في خرائط الإفراز، لكننا لم نتسلم قوشان الطابو بعد. الحكم المحلي ما زال يعرقل العمل لأنه يطلب من الذي باعنا الأرض توفير بنية تحتية خدماتية في الأرض. هذه البنية ليست جزءًا من اتفاقنا مع البائع، ونحن لم نكلمه أبدًا حول مسؤوليته بهذا الصدد. نحن المشترين نريد القيام بالمهام الممكنة لتحسين وضع الأرض خدماتيًا، وما نعرفه أن توفير الخدمات والبنى التحتية ليست مسؤولية المواطن. إنها مسؤولية السلطة ومسؤولية المجالس القروية والبلدية، وإلا لماذا تجمع السلطة والمجالس الرسوم والضرائب؟ أليس ذلك من أجل تقديم خدمات للمواطنين؟ من لا يريد تقديم خدمات للمواطنين عليه ألا يجبرهم على دفع الرسوم والضرائب.
ما زال الحكم المحلي يترنم على إيذاء المواطنين وتعطيل مصالحهم. وهنا أسأل فيما لو أتى يهودي فلاشي إلى فلسطين، ما هو المطلوب منه صهيونيًّا لكي يستقر ويعمر الأرض؟ هم يعملون ويسهرون ونحن نخرب ونعرقل ونعطل.
عطلونا كثيرًا وعرقلوا مصالحنا، ونحن بحاجة لمن يأخذ بيدنا ويخرجنا من قبضة الحكم المحلي. إلى من نتوجه؟ إلى مجلس الأمن، أم إلى محكمة الجنايات الدولية؟ معقول أيها الناس أن تأخذ معاملة تسوية قطعة أرض كل هذا الوقت وكل هذا الانتظار والمعاناة؟ هل يريد هؤلاء وطنًا، وهل فعلا يبحثون عن دولة؟
وهنا أذكر الحكم المحلي أننا لم نفتح ملف أرض نشأت السيد من طولكرم حتى الآن. سنفتحه يومًا، وسيلاقي كل من ساهم في عرقلته جزاءه ليس فقط أمام المحاكم المدنية وإنما أمام المحاكم العسكرية أيضا وفق القانون الثوري لمنظمة التحرير. أسماء كل المتورطين في هذه القضية محفوظة وأدوارهم معروفة.