فلسطين أون لاين

يمارس "فن التوازن".. الغزي محمد الشنباري يطمح إلى "العالمية"

...
غزة- هدى الدلو:

فوق ركام المنازل المدمرة، يمارس الشاب محمد الشنباري موهبته فيما يعرف بـ"فن التوازن" الذي بدأ باحترافه قبل سنوات عدة، فعلى زاوية الحجر الأول وضع آخرَ أكبر منه، ومن فوقهما جرة غاز، وبشكل آخر وضع على حافة زجاجة تلفاز، فقد نجح في تلك المشاهد بإبهار جمهوره.

الشنباري (25 عاما) من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، يمتلك موهبة فن موازنة الأشياء بمختلف أحجامها وأشكالها، فينجح بإيجاد ركن له في متجر لتخزين المواد الغذائية ليوازن كل محتوياته، أو يلبي شغفه ببعض الأغراض القديمة.

يقول الشنباري لصحيفة "فلسطين": "نشأت في أسرة رياضية بالكامل من الأب الذي كان من صغري يوصيني بالحفاظ على السلامة البدنية والعقلية، إلى إخوتي المولعين في ممارسة الرياضة وحاليًا لاعبي كمال أجسام، ومدربي رياضة".

في عام 2018 كانت بداية الشنباري مع فن التوازن الذي شاهده على موقع اليوتيوب، وجذبه فتحدى نفسه ليتعلمه، وبدأ بالكاسات الزجاجية، وهي أشياء صغيرة كما يراها مقابل ما يفعله اليوم، لكونه كان يصعب عليه معرفة آلية تثبيتهم فوق بعضهن.

ويوضح أن تثبيت الكاسات كان يحتاج إلى الكثير من الوقت مقارنة بما هو عليه الحال الآن، ولكنه عرف أن لكل شيء نقطة ارتكاز يبني عليها، فبات يصفّهم فوق بعضهم باحترافية بكل بساطة مع الحفاظ على توازنهم.

أما والدته التي كانت أول جمهوره، فقد خاطرت في الكاسات في سبيل نجاح ابنها، وفي نوع من التشجيع والتجربة، وكانت ترافقه خطوة بخطوة وعيونها جاحظة نحو حركات يديه حتى أتقن ممارسة الفن الذي يعشقه.

وفي فناء بيته صمم مربعا خشبيا لممارسة ألعاب التوازن عليه، إلى جانب مقتنيات أخرى: كرسي خشبي، وكاسات مختلفة الأحجام والأشكال، وبعض القطع المعدنية، إضافة إلى أدوات أخرى يحتاج إليها.

وشارك الشنباري في برنامج تجارب الأداء لعرض المواهب الغزية، وحصد فيه المركز الأول عام 2019، وفق إفادته.

ويرى أن هذا الفن نادر في الوطن العربي، ولكن المشاهد يستمتع بمشاهدته، كما أن له أثرا جميلا على ممارسه في تعليمه الصبر والقوة في التركيز، والقدرة على التحكم في أدق التفاصيل.

ويشير الشنباري إلى أن البعض يعتقد أن هذا النوع من الفن يدخل في ألعاب الخفة، "ولكنه فن مختلف، والبعض يعتقد أنه سحر، ولكنه مختلف، فكل شيء أمام المشاهد هو حقيقة وملموس، والأمر يعتمد على إثبات معادلة التوازن فيما يتعلق بالجاذبية والفيزياء".

ويذكر أصعب تجربة خاضها في فن التوازن ونجح فيها، ترتبط بريشة نعام، ورغم خصائصها وخفتها فإنه تمكن من وضع جريد للنخيل فوقها واحدًا تلو الآخر، وتمكنت الريشة من حملهم.

على الرغم من أنه لم يكمل تعليمه، لكنه يجيد الحديث عن التوازن وقوانين الفيزياء لإيمانه بأن القدرة على تطوير الذات، والموهبة –من وجهة نظره- "لا علاقة لها بالشهادة والتعليم"، فتمكن من تعلم الفن وتطبيقه من خلال متابعته على اليوتيوب، ولم يقف عند حد ذلك بل يعمل على تطوير الفكرة التي يشاهدها.

ويحاول الشنباري توفير الإمكانات التي يحتاج إليها بنفسه، لكنه بحاجة إلى صالة عرض بمواصفات معينه تتلاءم مع طبيعة العرض، إلى جانب وجود أشخاص داعمين له.

ويطمح إلى تقديم المزيد من العروض، والمشاركة في برامج عربية ودولية تختص بالمواهب، إلى جانب وصوله إلى مختصين بفن التوازن ليتعلم المزيد في هذا المجال، وليوصل رسالة للعالم أن القصف والدمار لم ينهيا المواهب الفلسطينية بل يزيدانها قوةً واستمرارًا.