فلسطين أون لاين

يسابقون الزمن.. هكذا ينتظر طلبة الثانوية العامة حصاد 12 عامًا

...
غزة- هدى الدلو:

بدت الأيام في نظرها تسير وكأنها أشبه بسلحفاة، وقلبها يشتعل ترقبًا وانتظارًا باليوم والساعة المقررة التي تُعلن فيها النتائج، والتي تنتظرها على أحر من الجمر، لتعرف فيه نتيجة جهدها ومثابرتها وحصادها لعام دراسي مصيري.

حالة من الترقب والحيرة تسيطر على الطالبة نور أبو عايش في الفرع العلمي من مخيم المغازي وسط قطاع غزة، التي تقول: "انتظار النتائج يحمل رهبة كبيرة وشعورًا لا يوصف، وكأننا -نحن طلبة التوجيهي- نخوض حرب أعصاب، فيفرض ذلك مشاعر الخوف والانتظار، والوسواس، والعودة إلى مراجعة ما قدمته في ورقة الامتحانات"، وفق وصفها.

وفي الوقت الذي تشعر فيه بالأمل والتفاؤل بأن تكون نتيجتها كما توقعاتها، تنتابها لحظات من اليأس والإحباط، لتعيش أخرى يشوبها الخوف والقلق بأن تخذل توقعات أهلها، إلا أن توكلها على الله بعد أخذها بالأسباب واجتهادها يدفعها إلى التفاؤل بالوصول إلى مبتغاها.

وتأمل نور أن يؤهلها معدلها لتحقيق حلمها وشغفها في دراسة الطب، فمنذ صغرها وهي ترسم لهذا الطريق إلى جانب دعم أهلها لها.

وتصف في دردشة مع صحيفة "فلسطين" مرحلة الثانوية العامة بأنها "صعبة" بكل ما تحمله الكلمة، وتحتاج إلى صبر وعزيمة والاستعانة بمعية الله ولطفه.

وتنتهي اليوم عملية تصحيح امتحانات الثانوية العامة التي من المقرر إعلان نتائجها مطلع الشهر المقبل، وفق نائب المدير العام للقياس والتقويم والامتحانات جمال يوسف. وانتهت امتحانات الثانوية العامة في 12 يوليو/ تموز الجاري، بعد أن تقدم لها 84 ألف طالب وطالبة موزعين على 896 قاعة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

"موقد من النار"

براءة أبو مسامح من الفرع الأدبي، باتت كما لو كانت تجلس على موقد من النار من شدة الانتظار والتلهف مع مزيج من القلق والتوتر، "ننتظر النتائج يومًا بيوم ولحظة بلحظة، فما بعد النتيجة ليس كما قبلها، لكونها سنة مصيرية وحصاد 12 عامًا، وتحدد حلمي، فإما أن نكون وإما لا نكون"، وفق حديثها.

ولكنها على يقين أن تعبها وجهدها لن يضيع، بل ستجده في نتيجتها التي ستدخل بها الفرحة لقلوب عائلتها، وكل من وقف بجانبها خلال تلك المرحلة.

وتضيف براءة: "كلما أتخيل يوم النتيجة وقدوم الأقارب والأحباب المهنئة لبيت أهلي، وأغاني النجاح التي تضج في المنزل، شعرتُ بشوق لهذا اليوم المرتقب، لذلك أتمنى من الله أن يعطيني على قدر تعبي ويحقق حلمي، وأكون من أوائل الوطن، أرفع بنتيجتي رأسي ورأس أهلي ومدرستي".

كل مخططاتها تقف عند ظهور النتيجة التي رسمتها من بداية العام واجتهدت وثابرت لتحقيقها، حيث بداية حياة جديدة، واختيار دراسة اختصاص جامعي بالتمريض أو التجارة باللغة الإنجليزية، لتبدع فيه وتكون مميزة وشخصية يضرب بها المثل، لكونها لن تقتصر على الدراسة فقط بل التطوع.

أما الطالب وسام مسلم من الفرع العلمي فيعيش مشاعر يصفها بـ"الصعبة" بسبب الانتظار، وذلك لكونه موسم قطف الثمار، وتأتي بعد تعب شهور وأيام طويلة، ومجهود عام كامل من الجد والاجتهاد والمثابرة وسهر الليالي، ليتوج ذلك بنتيجة مشرفة تمثل فرحة العمر.

يقول وسام لصحيفة "فلسطين": "ستضع النتيجة قدمي على عتبة جديدة من إكمال مسيرتي التعليمية، وتحقيق حلمي بدراسة الاختصاص المفضل لدي منذ صغري وهو طب الأسنان".

ويشير إلى أن مرحلة التوجيهي فرضت عليه عزلة على من حوله، "وكأنه أشبه بسجن"، فجدّ واجتهد من أجل تحقيق حلمه، خاصة أن هذا العام الدراسي مر بظروف صعبة خاصة على طلبة الثانوية العامة، حيث أزمة كورونا وعدم انتظام الدراسة الوجاهية، والعدوان الأخير على قطاع غزة.

وتعبر الطالبة آلاء أبو سعيد في الفرع العلمي عن خوفها وتوترها من يوم النتائج، وعيشها بحالة ترقب وانتظار في هذه الفترة على الرغم من ثقتها بالله بأنه لن يضيع تعب أحد، فلكل مجتهد نصيب، وتقول: "تزداد مخاوفي عند سماعي تجارب من سبقني في هذه المرحلة بتوقعاتهم لمعدلات عالية وفي النهاية حصلوا على أقل منها".

وتقول: "لذلك رفضت الإفصاح عن توقعاتي لأهلي حتى لا يبنوا آمالهم وأحلامهم وأخذلهم بالحصول على معدل أقل".

وتتابع آلاء: "وفي حال حصلت على معدل عالٍ سأختار دراسة الطب في الخارج لاكتساب ثقافات جديدة، لكونها وظيفة محترمة في مجتمعنا، والقطاع بحاجة إليها في ظل الظروف التي يمر بها، ولها كيانها، إلى جانب أنها وظيفة إنسانية قبل أن تكون لتحقيق مصدر دخل".

وتكمل حديثها بأن الطالب يجب أن يكون ذا شخصية طموح، تسعى إلى تطوير ذاتها دائمًا، وتبتعد عن كل شيء تقليدي لتحقق ذاتها في المجتمع.