فلسطين أون لاين

بعد السخط الشعبي على اغتيال "بنات"

تقرير أمريكا و(إسرائيل) تحاولان إنقاذ السلطة ليبقى دورها الأمني قائمًا

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

يرى محللان سياسيان أن حالة الغليان الشعبي التي تشهدها الضفة الغربية بعد اغتيال الناشط السياسي المعارض نزار بنات أفضت إلى مخاوف أمريكية – إسرائيلية على مستقبل السلطة، واستدعت مشاورات بين الطرفين لإعادة دعمها اقتصاديًّا؛ حفاظًا على وظيفتها المهمة لـ(إسرائيل) دون أي تبعات على صعيد المباحثات السياسية.

وأكد وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي "بيني غانتس" أن (إسرائيل) بحثت مع الولايات المتحدة، مبادرات اقتصادية واجتماعية لتقوية السلطة الفلسطينية.

المحلل السياسي فتحي بوزية عبر عن اعتقاده بأن دعم السلطة هو مطلب أمريكي حمله مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، هادي عمرو خلال زيارته الأخيرة لـ(إسرائيل)، والذي شبه السلطة في الضفة بأشجار جافة في الغابة وأن عود ثقاب واحدا كافٍ لإشعالها، في إشارة إلى حالة السخط الشعبي التي تعيشها الضفة منذ أسابيع.

وقال: "وفي ظل وجود ما تسمى اتفاقيات سلام ممثلةً باتفاق أوسلو بين السلطة والاحتلال فإن من المفترض أن (إسرائيل) تقويها لا أن تعمل على إضعافها".

وأشار بوزية إلى أن الاحتلال لم يقدم للسلطة أي إنجاز يُمكنها من تحقيق القبول لدى الشعب الفلسطيني، "وفي ظل ما تعانيه السلطة اليوم، يبدو أن هناك توجهًا أمريكيًّا لإعادة ترميم العلاقة بينها وبين (إسرائيل)".

وأضاف: "يترافق ذلك مع حديث قيادات الصف الأول للسلطة عن مطالبات فلسطينية بخطوات لإعادة بناء الثقة مع (إسرائيل)، في حين أكد وزير الشئون المدنية حسين الشيخ في تصريح له أن السلطة الفلسطينية هي في الحقيقة بلا سلطة".

ونقلت مصادر إعلامية عن مسؤول كبير في رام الله، لم تكشف اسمه أن السلطة شكلت فريقا جديدا للتفاوض مع (إسرائيل)، وطالبت "بإجراءات بناء ثقة" أخرى غير محددة تهدف إلى الحفاظ على قابلية حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

ونبه بوزية إلى أن الواقع يؤكد أن الاحتلال تنكر لكل شيء اسمه "سلام" وهو فقط يدير الواقع في الضفة في ظل عدم وجود ضغط عليه بسبب منع السلطة المقاومة المسلحة بالضفة ليجد الاحتلال نفسه غير مجبر على تقديم أي إنجاز سياسي للسلطة وقصر دورها على الجانب الأمني.

ورأى أن الطريقة الأمثل لتعامل السلطة في هذه الحالة هي التوجه لتصليب الجبهة الداخلية بتحقيق الوحدة الوطنية ومعالجة الوضع الفتحاوي الداخلي الذي هو غاية في السوء حاليًّا.

وذهب بوزية إلى القول: "لم يعد خافياً على أحد أن الوضع بالضفة الغربية سيئ على كل الصعد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحريات، ورأينا كيف خرج المحتجون مطالبين علنًا برحيل رئيس السلطة محمود عباس في إثر اغتيال الناشط بنات".

وعدّ حديث رجالات السلطة عن خطوات لإعادة الثقة مع (إسرائيل) بعد مرور 26 عاماً على "أوسلو"، "استخفافًا بشعبنا الذي يعاني الأمرين، وقد ملّ من كل هذه القيادات والأفضل ألا يخرجوا للحديث للإعلام".

وأشار بوزية إلى أن أغلب قيادات السلطة لم يعد لها رصيد في الشارع وكل تصريحاتها تسيء للسلطة وللمشروع الوطني وتزيد الاحتقان والتذمر في الشارع الذي ضج بحالة التكلس التي تعتري السلطة.

وبين أن (إسرائيل) ولكون وزير جيش الاحتلال بيني غانتس هو المتكفل بالنقاش في موضوع دعم السلطة مع الولايات المتحدة يؤكد أن الاحتلال لا ينظر للسلطة سوى من منظور أمني.

وقال: "لذلك فإن استمرار تجاهل السلطة الوحدةَ الوطنية ستكون له عواقب وخيمة في ظل عدم قدرتها على تحقيق أي إنجاز سياسي على الصعيدين الوطني والعالمي في حين اخترقت (إسرائيل) العرب وإفريقيا ونجحت بالتطبيع معهم".

سلطة وظيفية

في حين يرى المحلل السياسي سامر عنبتاوي، أن المشروع الإسرائيلي الأمريكي يقوم على أساس بقاء السلطة من أجل تمرير مشروع إسرائيلي واضح وهو تصفية القضية الفلسطينية تماماً والسيطرة على أغلب الأراضي.

وقال: "هذه السلطة مرتبطة باتفاقات مع الاحتلال وأخرى دولية تجعلها منقادة للمشروع الإسرائيلي، لكن في ظل حكم ترامب فإن إجراءاته المالية والسياسية ضدها جعلت دورها يتراجع".

وإذ يرى عنبتاوي أن سياسة "بينيت" وبايدن بتقوية السلطة والعودة لمشاريع المفاوضات، لن تفضي إلى شيء سوى العودة لمربع التسويف والمماطلة الذي يمكن أن تحصل (إسرائيل) من خلاله على كل ما تريد دون المساس بوضع السلطة.

وتوقع أن تكون هناك إجراءات إٍسرائيلية – أمريكية اقتصادية في المرحلة المقبلة من خلال ضخ أموال ومشاريع لإنقاذ موقف السلطة التي تضررت كثيراً بعد اغتيال بنات.

وقال: "رأينا كيف اعتذر حسين الشيخ عن حادثة اغتياله في حديث لصحيفة أمريكية، الأمر الذي يبدو أنه مطلب أمريكي لإعادة تمويل السلطة".

وتابع: "قد نشهد في الفترة المقبلة تحسناً على أداء السلطة في موضوع الحريات الشعبية لتهدئة الشارع الفلسطيني، يتلوه دعم مالي أمريكي أوروبي لذر الرماد في العيون وصولاً لحلول أمنية واقتصادية على حساب شعبنا".

وعدّ أن عودة السلطة إلى المفاوضات بعيداً عن إرادة القوى الوطنية الفلسطينية، والإرادة الشعبية لن تصل بها لأي إنجاز سياسي، "وذلك سيُبقي على السلطة مشروعا أمنيا للاحتلال يمنع أي تحرك فلسطيني ضد الاحتلال مقابل أموال دون أي حلول جذرية لقضية شعبنا".