عملية اغتيال نزار بنات التي ارتكبتها السلطة في الضفة الغربية، وما تبعها من احتجاجات وتحركات شعبية واسعة، فتحت الباب مجددًا أمام التساؤلات حول واقع السلطة، ولعل التحرك الأمريكي المباشر لإخراج السلطة من أزماتها الشعبية والمالية، ومخاوف إنقاذها من الانهيار، يأتي في سياق إنقاذ محمود عباس الذي يقود السلطة نحو الانهيار.
تواجه السلطة تحركات شعبية واسعة في الضفة الغربية بسبب الفلتان الأمني وعملية اغتيال نزار بنات، والاعتداءات على المتظاهرين، واستمرار قمع الحريات والاعتقال على خلفية الرأي، والاعتداءات على الصحفيين والنشطاء والمحاميين، ما قاد نحو حالة من العصيان، يمكن أن تتسع لتشمل مناطق عدة مركزية مثل الخليل ونابلس.
الانهيار الاقتصادي يلوح في الأفق في ظل الوضع الاقتصادي المنهار في الضفة نتيجة استمرار العمل باتفاقية أوسلو التي كبَّلت الاقتصاد الفلسطيني، الذي لم يعد قادرًا على الاستمرار في التعامل معها، وفي ظل سيطرة شركات كبرى يمتلكها المتنفذون في السلطة وفي مقدمتهم حسين الشيخ الذي ينسّق مع الاحتلال في ذلك، ويُتّهم بأنه يحوز على النصيب الأكبر من الشركات، وأنه يُحاصر ويُطارد الشركات والمصانع الوطنية لصالح الاحتلال.
الإعلان عن أزمة مالية تعانيها السلطة يحمل وجهين، الأول هو تمرير العقوبات على قطاع غزة واستمرارها، والثاني إعادة العقوبات على موظفي قطاع غزة، وبالتالي تأزيم الأوضاع في قطاع غزة، مع إمكانية أن تكون أزمة حقيقية في ظل حالة إهدار المال العام الذي يتسبب به انتشار الفساد وسرقة الأموال الكبيرة من ميزانية السلطة، إلى جانب التهرُّب الضريبي في الضفة الذي تقوده الأجهزة الأمنية لصالح قيادتها وعناصرها.
سياسة القمع والاغتيالات إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية يقود نحو فقدان السلطة عناصر قوتها، وتهميش الاحتلال لدور السلطة وتحويلها إلى مشروع تنسيق أمني فقط، يقود نحو إمكانية انهيارها، لم يكن هناك تدخُّل أمريكي إسرائيلي مباشر، قد يتبعه تحريك في بعض الشخصيات القيادية تحت مسمى تغيير حكومي أو غيره لامتصاص ومواجهة تأثير الأزمات الحالية.
يمكن للاحتلال أن يسعف السلطة للخروج من أزمتها، لكنه لن يتمكن من منحها الشرعية الشعبية والوطنية التي تفتقدها نتيجة سياستها البوليسية في الاغتيال والقمع، وأن الدعم الشعبي الواسع الذي تحوزه المقاومة في الضفة هو المعيار الوطني لمن يعبِّر عن الشعب الفلسطيني، وتطلعاته للتخلُّص من الاحتلال، ومن يرتبط به سياسيًّا واقتصاديًّا.