فلسطين أون لاين

الإسلام التحرري المقاوم في فلسطين: الإستراتيجية والتكتيك

الإسلام التحرري هو خط الدفاع الأول عن فلسطين، عندما نقول الإسلام التحرري نعني جوهر وحقيقة العمق الإسلامي ومشروعه المتناقض تمامًا مع الأطماع الاستعمارية والغزو الأجنبي، وفلسطين فيه مركز الصراع مع المشروع الاستعماري وصنيعته اليهودية السياسية المسماة (إسرائيل).

إن المعركة مع المشروع (الإسراميكي) الغربي تصاعدت منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين وهزيمة الدولة العثمانية واستبدال بها أنظمة التجزئة (سايكس بيكو)، واشتدت المعركة بين الأمة وعدوها الاستعمار الأجنبي الطامع على أرض فلسطين، لأنها تشكل خط التماس بين المشروع الإسلامي والمشروع الاستعماري الغربي والصهيونية.

وقد بذلت قوى الاستعمار والإمبريالية والصهيونية جهودًا مستميتة لسلخ الشعب الفلسطيني عن عقيدته وإسلامه، وحاولت بالغزو الثقافي والفكري وتحييد الفكر والثقافة الإسلامية.

نجحت إلى حد ما بشكل غير مباشر إجمالًا انطلاقة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وما لبثت أن عادت الحركة الإسلامية الوطنية تستعيد أنفاسها وتتطور على أرض فلسطين منذ بداية الثمانينيات إلى أن وصلت إلى قوة لا يستهان بها، بل أخذت حيزًا واسعًا من الحركة الوطنية الفلسطينية التي كانت مرجعيتها القوى اليسارية والعلمانية.

اليوم حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والخطاب الإسلامي لشهداء الأقصى، وغيرها يمثلون نسبة عالية تصل إلى 80% من القوى العسكرية في غزة وباقي فلسطين، ولم يحصل هذا في يوم أو ليلة، بل بعد جهد متواصل ونضال طويل ومراجعات وحوارات فكرية، أوصلت قطاعًا واسعًا من مناضلي الشعب الفلسطيني إلى الحل الجهادي الإسلامي، وطرح مشروع الإسلام التحرري نقيضًا لمشروع اليهودية السياسية الصهيوني.

ويؤمن مشروع الإسلام التحرري أن فلسطين يجب أن تعود إلى عقيدتها الواضحة، وأن الجهاد لتحرير فلسطين كل فلسطين فرض عين، وأن احتلالها جريمة، والدفع بأن فلسطين ليست مسؤولية شعب فلسطين فقط بل هي مسؤولية الأمة بأسرها.

والآن بالرغم من كل التحديات الإسلام التحرري بعد معركة سيف القدس الباسلة، وقيادة الجهد الوطني المقاوم، وتطور آلية عمل الإسلام التحرري المقاوم؛ امتد أثره على وحدة خط الجهاد والمقاومة، ودفع القوة الكامنة للشعب الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة عام 1948، ورفع المعنويات، وتصاعد فكرة الجهاد والمقاومة في الضفة، والتفاف حركة الشعب الفلسطيني في الخارج، التي بدأت تستعيد أنفاسها بعد كل محاولات تحييدها عن المشاركة في المشروع الوطني الفلسطيني الصحيح غير المنحرف عن الميثاقين القومي والوطني الفلسطيني، والمنطلقات الأساسية لحركة التحرر الوطني الفلسطيني.

وعودةً إلى حركة الإسلام التحرري الوطني؛ إن استراتيجية معركة سيف القدس كانت واضحة متمثلة في النضال والجهاد لتحرير فلسطين، ولم تفصل نفسها عن الحركة الوطنية الفلسطينية، التي تتبنى خيار المقاومة والتحرير، فكانت غرفة العمليات المشتركة -ويا ليتها تصبح غرفة العمليات الموحدة لتكون أكثر تقدمًا وفاعلية- وكان الاعتصام نحو الهدف الإستراتيجي تحرير فلسطين، وكان الجهد لمقاومة العدو وهدف تحرير فلسطين أشبه بما قام به الرسول سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قبل البعثة، عندما قيض الله (سبحانه وتعالى) سيدنا محمد لحل الخلاف بشأن من الذي يضع الحجر الأسود في الكعبة، محمد (صلى الله عليه وسلم) فرد عباءته ووضع الحجر عليه وشارك الجميع في حمله ووضع الحجر في محله، وقياسًا عليه إن المقاومة بمنزلة الحجر الأسود في مسيرة تحرير فلسطين.

وبسبب الحالة الرسمية العربية والضغوطات وموازين القوى الدولية أعيد وقف لإطلاق النار لاستعادة الأنفاس، والإعداد للمرحلة التالية نحو الاستمرار في إعادة البناء وكسب التأييد الشعبي والرسمي القومي والإسلامي والدولي بأدوات عمل سياسي يحاول أن يجمع أوسع تأييد لعدالة قضيتنا الفلسطينية، ودفع الإيجابيات، ومحاولة الحد من هرولة بعض الأنظمة العربية، نحو العدو الصهيوني المسمى (إسرائيل)، لذلك تقوم حركة المقاومة على المستوى الداخلي لخط الجهاد والمقاومة السياسي والوطني بالتشاور والتشارك في صنع القرار عند أي تحدًّ. وعلى المستوى الخارجي تشكر كل من يدعم حركة الجهاد والمقاومة دون استثناء، وتتحرك بخطوات مدروسة تستجمع ما تستطيع من الوقوف إلى جانب خط الجهاد والمقاومة، والحد من هرولة بعض الأنظمة.

يخطئ من يهاجم زيارة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى المغرب ويشكك فيها، فربما يكون للزيارة دور في فرملة الهرولة نحو التطبيع، فكما زار المغرب التقى السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.

اللقاءات مع مختلف الأنظمة، ومد خطوط مع السعودية دون الدخول في جدلية العلاقة مع إيران أو الالتفات إليها؛ هي هدف مهم للعمل السياسي الإسلامي الفلسطيني المقاوم.

والآن هناك محاولات يائسة لشق الشعب الفلسطيني، وتفريغه من حالة نشوة انتصار معركة سيف القدس، لذلك إن المطلوب من حركة الإسلام التحرري والقوى الفلسطينية الأخرى التي تتبنى خيار المقاومة لتحرير فلسطين تفويت الفرصة على خط المساومة والتفريط بمزيد من الوحدة، وتشكيل جبهة وطنية موحدة وإعادة البناء، وتفعيل وتشريع انطلاقة جديدة جهادية مقاومة للعدو الصهيوني، وعدم التفاؤل إلى حد الركون.