فلسطين أون لاين

خمسون عامًا صار عمر الاحتلال


كان يوم الاثنين 5/6/1967 من أسوأ الأيام التي مرت على الشعوب العربية، كان يومًا أسود وبالتحديد على الشعب الفلسطيني الذي كان يتهيأ للعودة إلى مدنه وقراه التي اغتصبها الصهاينة عام 1948، فإذا به تحت رحمة السلاح الإسرائيلي، الذي راح يتفاخر قادته ومفكروه بمصداقية الدين اليهودي، حيث انتصرت الأقلية اليهودية على المسلمين رغم كثرتهم، هذا النصر الساحق الذي عزز ثقة اليهودي بدينه، وأكد صدق انتمائه، شجع رأس المال اليهودي ليتدفق على دولة إسرائيل الفتية المنتصرة، بعد أن فرضت نفسها حقيقة لا يرقى إليها الشك.

خمسون عامًا للهزيمة المريرة التي مرغت شرف قادة الأمة العربية وكرامتهم في وحل التشفي من الصهاينة، الذين لم يخطر في بالهم تحقيق نصر بهذا الحجم، دون أن يدفعوا أي ثمن.

خمسون عامًا على الهزيمة التي وصفها قادة العرب بالنكسة، تخفيفًا لوقع الهزيمة المهين للشعوب، وتفاديًا لرد فعل الجماهير التي قالت في حينه: إذا كان تدمير الجيش المصري والسوري والأردني نكسة، فما هي الهزيمة؟

وإذا كانت تصفية عشرات آلاف الجنود المصريين والأردنيين والسوريين والفلسطينيين، وهم مقيدو الأيدي نكسة، فما هي الهزيمة؟

وإذا كانت سيطرة الجيش الإسرائيلي المباشر على مدينة القدس وأرض الضفة الغربية، وقطاع غزة ومرتفعات الجولان السورية، وأرض سيناء المصرية نكسة، فما هي الهزيمة؟

إنها هزيمة الأنظمة العربية النكراء، التي لما تزل ماثلة أمام أعين الملوك والرؤساء العرب، الذين ما انفكوا يتوسلون لإنهاء الاحتلال الذي تم قبل خمسين عامًا، ونسوا اغتصاب اليهود لأرض فلسطين الذي تم قبل ذلك بعشرين سنة.

وسط هذه الأجواء المفعمة بالمذلة والمهانة والقصور، برزت المقاومة الفلسطينية أملًا تكسرت عليه عنجهية المحتلين الصهاينة، فإذا كان الجيش الإسرائيلي حديث العهد ومحدود التسليح سنة 1967 قد تمكن من هزيمة الجيوش العربية في 6 ساعات، فإن المقاومة الفلسطينية الناشئة قد كسرت جبروت الجيش الإسرائيلي نفسه بعد 51 يومًا من العدوان على غزة وحدها سنة 2014، رغم تزود الجيش الإسرائيلي بأحدث أنواع الأسلحة وبكل أنواع التكنولوجيا المتطورة.

وإذا كان هزيمة 67 قد عززت ثقة اليهود بدينهم الذي تتغلب فيه فئة يهودية قليلة على أمة إسلامية كغثاء السيل، فإن هزيمة الجيش الإسرائيلي سنة 2014 على أبواب غزة قد عززت ثقة المسلمين بدينهم، حين تنتصر المقاومة الفلسطينية رغم قلة عددها وعتادها على الجيش الإسرائيلي كامل التجهيز والإعداد.

لقد جاء نصر المقاومة الفلسطينية في الحرب على غزة سنة 2014 بمثابة نصر عربي يمهد الطريق لتصفية آثار هزيمة سنة 1967، ومن ثم ليمحق آثار نكبة 1948.