كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجرًا، وجميع من في منزل عائلة أبو سلمية، المكون من 11 فرداً، في سكون تام.. جميعهم نيام، وفجأة دون سابق إنذار، اهتز البيت، وعمت رائحة البارود، وتناثرت الأشلاء، بعد إطلاق طائرات الاحتلال الحربية عدد من الصواريخ على المنزل.
ساعات طويلة مرت قبل أن تتمكن طواقم الإنقاذ من إخراج 9 شهداء من العائلة، وهم الدكتور نبيل أبو سلمية، وزوجته، سلوى (أم محمد)، وأبنائهم، سمية (17 عاماً)، وبسمة (15 عاماً)، وهدى (13 عاماً)، وإيمان (11 عاماً)، وأية (7 سنوات) (يحيى (9 سنوات)، ونصر الله (5 سنوات).
وبين الأنقاض.. وسط الشهداء، نجا من العائلة، الأخوين "محمد" و"عوض"، من مجزرة وقعت في 12 يوليو 2006، ووصلاً إلى مستشفى الشفاء بصحة جيدة، ليعودوا إلى الحياة لتكوين أسرة جديدة تحمل أسمائهم.
بعد المجزرة، أكمل الشقيقين، "محمد" و"عوض"، حياتهما بشكل طبيعي، إلا أن الاحتلال لم يتركهم وأراد إكمال جريمته ضد هذه العائلة، فاستشهد "عوض" خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ليلحق بوالديه وأشقائه.
وبعد مرور 15 عامًا على جريمة الاحتلال بعائلة أبو سلمية، يتذكر الناجي الوحيد، "محمد (أبو نبيل)"، ما حدث مع والديه وأشقائه، خاصة اللحظات الأولى من الاستهداف لمنزلهم من قبل طائرات الاحتلال الحربية.
أخبر "فلسطين أون لاين" أن اللحظات الأولى من استهداف الاحتلال لمنزل عائلته، جرت وهو نائم برفقة شقيقه "عوض" في غرفة واحد، ليتفاجأ بسقوط الصواريخ فوق رؤوسهم وهم في فترة سكون.
عن هذه اللحظة يقول "محمد": "جلست تحت الأنقاض قرابة الـ 45 دقيقة، وشقيقي "عوض" 8 ساعات كاملة، وخرجنا لنجد أن جميع أفراد العائلة قد استشهدوا في القصف (الإسرائيلي)، حيث تم جمع أجساد والدي ووالدتي وأشقائي أشلاء من جوار البيت".
ويضيف: "الحياة بدون العائلة موحشة وصعبة جداً، وأيامها ثقيلة، وتجاوز تلك المرحلة لم يكن سهلًا، فكل يوم يمر بدونهم يعد صدمة أعيشها".
ولم تكن صدمة استشهاد عائلة أبو سلمية هي الأولى لابنهم "محمد"، فجاء استشهاد شقيقه الوحيد الذي نجا من المجزرة "عوض" خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أشد قساوة، كونه عاش معه بعد المجزرة سنوات طويلة، وكان شقيقه السند الوحيد المتبقي له بعد استشهاد جميع أفراد عائلته.
وبعد استشهاد جميع أفراد عائلة "محمد"، لم يبقى له سوى أبنائه، وأبناء شقيقه الشهيد "عوض"، ليروي لهم ما حدث مع أجدادهم، وأعمامهم من قبل الاحتلال، فإن ماتت الروح وفٌني الجسد، بقيت القصة حيَّة والحقُّ كذلك.