فلسطين أون لاين

قَتل والده ودَمَّر بيارة الحمضيات التي تملكها عائلته

شعبان دكة.. مُسنٌّ لاجئٌ بدأت نكبته من الاحتلال البريطاني

...
غزة/ صفاء عاشور:

"الاحتلال البريطاني هو سبب خراب ديارنا، كان يعادي الفلسطينيَّ في كل شيء، حتى أنه قتل أبي" هكذا بدأ اللاجئ شعبان دكة حديثه عندما سألناه عما يتذكره عن مدينة يافا التي ولد فيها قبل 87 عاما.

ذكريات مؤلمة تحمل بين طياتها الحنين إلى الأرض وإلى البيت وبيارة الحمضيات التي تشتم رائحة زهورها، وتشعر بملمس قشورها من دقة الوصف، ليقطع هذا الحنين الشوق لأب فقد على أرض فلسطين إبان الاحتلال البريطاني ولأم لم تحقق حلمها بالعودة إلى البلاد.

المسن دكة قضى 16 عاما من عمره في مدينة يافا قبل أن تهجره منها العصابات الصهيونية التي بدأت بقتل الفلسطينيين في كل مكان على أرض فلسطين سنة 1948.

ولكن قبل هذا التاريخ كان لشعبان ذكريات منها ما هو مؤلم تمثل بفقد السند والأب عندما قتلته قوة بريطانية دون أي سبب غير أنه خرج من منزله، مروراً بالمضايقات المستمرة من قبل البريطانيين لكل ما هو فلسطيني عبر إلحاق خسائر كبيرة بهم لمحاولة دفعهم للهجرة وترك الأرض.

يقول لصحيفة "فلسطين":" زمان كان عنا بيارة طويلة عريضة وأنا وأهلي وأصحابي في مدينة يافا، وأذكر في بداية 1940 منع الجنود البريطانيون أصحاب البيارات من قطف أي ثمرة من ثمار الحمضيات في موسمها لتصديرها، كما امتد منع القطف إذا كان الهدف أخذ الحمضيات لبيوت أصحابها".

ويضيف:" كل الحمضيات خربت على الشجر، لأن المزارعين منعوا من قطفها، وهو ما كبد المزارعين في وقتها خسائر كبيرة"، لافتاً إلى أن الاحتلال البريطاني كان يفرض قرارات قاسية وظالمة على الفلسطينيين لتسهيل سيطرة الصهاينة على فلسطين من خلال توفير الأسلحة والعتاد وكل ما يلزم لقتل الفلسطينيين".

ويشير دكة إلى أنه كان شاهداً على القتل والتعذيب الذي كان يلحق بكل فلسطيني يقاوم الاحتلال البريطاني، أو حتى يخرج في مظاهرة ضد القرارات الظالمة التي كان يأخذها ضد الفلسطينيين.

ولا يزال يتذكر خروج الجنود البريطانيين وتركهم مقراتهم خالية وفيها كل الأسلحة والذخائر ووضعها بين أيدي العصابات الصهيونية لتبدأ بعدها المجازر التي هجرته عبرها قسريا من بيته مع أمه وأخيه وأختيه.

رحلة لجوء لا يمكن وصفها مهما حاول الإنسان التعبير عنها، فالخوف على العائلة والنفس كان كبيراً، خرج دكة مع عائلته على أمل العودة، ليبدأ رحلة محفوفة بالمخاطر، فمن يافا وعبر طرق فرعية وجبلية وصل إلى نابلس في الضفة الغربية.

استقر لبعض الأيام ثم تنقل إلى مدينة الخليل ليستمر بعدها اللجوء إلى شمال قطاع غزة حيث استقر هناك عند أحد أقاربه، لتمر السنون دون أن يتحقق حلم دكة بالعودة إلى منزله في يافا، رغم أنه تمكن لأكثر من مرة من زيارة من بقي من عائلته هناك.

ويختم دكة حديثه:" الكل تآمر علينا لتهجيرنا وإعطاء بلادنا للصهاينة، ولا يزال العالم كله يسير على النهج نفسه، ولكن الأمل يبقى في شباب المقاومة الذين يعملون ليل نهار من أجل إرجاع ما فقدناه منذ عشرات السنوات".

وأعلنت "عصبة الأمم" مشروع الاحتلال البريطاني الذي سُمي "الانتداب" على فلسطين في 6 يوليو/تموز 1921، وصُدق عليه في 24 يوليو/تموز 1922، ووضع موضع التنفيذ في 29 سبتمبر/أيلول من العام نفسه. وحرص محرروه على الإشارة إلى أنه جاء بناء على الوعد الذي أطلقه وزير خارجية بريطانيا جيمس بلفور عام 1917 بإنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين".