فلسطين أون لاين

مبادرتهن لإعداد الطعام للمرابطين أثرت فيهم إيجابيًّا

نساء قرية بيتا يُقاوِمن الاستيطان بطريقتهن الخاصة

...
غزة- هدى الدلو:

لم تقف نساء قرية بيتا مكتوفات الأيدي أمام مخططات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، للاستيلاء على جبل صبيح جنوب نابلس المحتلة، بل عملن على إيصال رسالة للعالم بطريقتهن الخاصة من خلال إعداد وجبات الطعام للشباب المرابطين على الجبل، وأن أهالي بيتا وقريتي يتما وقبلان، لن يتنازلوا عن أرضهم.

الشابة تحرير حسن دويكات من قرية بيتا، والحاصلة على ماجستير إرشاد نفسي وتربوي، لم تتوانَ عن تقديم الدعم المعنوي والنفسي لتعزيز صمود المرابطين وتحفيزهم على الاستمرار بالمقاومة، والثبات على أرضهم، فأبسط حقوق الإنسان أن يعيش بأمان في أرضه ووطنه.

في حديث مع صحيفة فلسطين تقول تحرير: "أشارك الأمهات في إعداد وجبات الطعام للمرابطين على جبل صبيح شبه يوميا، حيث نجهز الوجبات المتنوعة من معجنات ومقلوبة شعبية".

وبين ثلاث قرى هي قبلان ويتما وبيتا، جنوب نابلس، يقع جبل صبيح الذي استولى الاحتلال الإسرائيلي على قمته سنة 1967، وفر منه المستوطنون قبل أيام، فبعد نحو 65 يوما من المقاومة والاستبسال نجح الأهالي في طرد المستوطنين الذين اعتلوا قمة الجبل في مايو/أيار 2021، وثبّتوا مؤقتا ما تسمى مستوطنة "جفعات أفيتار".

وجبل صبيح عبارة عن منطقة زراعية تقدر أراضيه بـ820 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع).

حب تحرير وانتماؤها لقريتها دفعها إلى المشاركة، تعبر عن ذلك بقولها: "إيماني قوي بقضيتنا الفلسطينية ودعم صمود الشباب المرابطين في انتزاع حقنا الوطني والإنساني في وجودنا بأراضينا، وقد بادرت سيدة لإعداد الوجبات كنوع من الدعم ليتمكنوا من الاستمرار في الدفاع والثبات على أرضهم".

وتؤكد تحرير أن ما تقوم به والنساء الأخريات هو نوع من المقاومة، التي تقوي من عزيمة الشباب وتحديهم في الثبات على أرضهم التي يحاول الاحتلال سلبها، ولنيل حقهم بالحرية والتنقل، لافتة إلى أن أعداد النساء المشاركات في إعداد وجبات الطعام كانت تتضاعف أيام الجُمع لزيادة أعداد المرابطين، ويكون أشبه بنفير بشري على الجبل من مختلف الفئات.

منذ بداية الأحداث كانت 100 امرأة تجتمع في قاعة عامة لإعداد الطعام، فتنشغل بعضهن بتجهيز الخضار، وأخريات في تقطيعها، ونساء تتولى مهمة عجن الدقيق لتحضير المعجنات، وأخريات يجلسن أمام الفرن لخبزها، وتوزع سيدتان أو ثلاث الطعام لإيصاله بسيارتهن الخاصة، وفي بعض الأيام تتفق المتطوعات فيما بينهن على الوجبة التي ستُعد في اليوم القادم كـ"العرايس" أو الصواني أو المقلوبة.

حاولت تحرير وصف الأجواء التي تسودها المتعة والإيجابية العالية، حيث يكون العمل مرتبًا ومتسلسلًا، تقسِّم منسقة المبادرة النساء إلى فرق لتنظيم العمل والإنجاز في وقت محدد، ويستغرقن من الوقت سبع ساعات، وفق كمية الطعام المطلوبة.

تتابع: "مشاركتنا الفاعلة التي تعتمد على تبرعات ذاتية من النساء وفاعلي خير، لا تقل أهميتها عن المقاومة التي يقوم بها الشباب في حماية أرضهم، ومبادرتنا النسوية لها تأثير قوي، ويدلل على أن كل إنسان يقاوم على طريقته، ويرفع من معنويات الجميع".

وتأمل أن تصل رسالتهن إلى العالم بأن أهالي بيتا لن يتنازلوا عن أرضهم، وسيستمروا في دعم المرابطين حتى زوال الاستيطان.

في حين أن بنت الجبل شادية بني شمسة صحفية وناشطة شبابية من قرية بيتا، بدأت التفكير بمبادرة لإعداد الطعام للمرابطين، بعدما توجه لها العديد من النساء لسؤالها عن كيفية مشاركة ومساعدة للشباب المرابطين على جبل صبيح، ففكرت بطريقة تتمكن من خلالها توظيف حماسهن بشيء مفيد، وكان إعداد الطعام لهم.

فرديا ودون تنظيم عكفت كل سيدة على إعداد الطعام ووضعه في نقاط حُددت لتجميعه ومن ثم توزيعه، تقول: "فيما بعد أُوجِدت قاعات للنساء لإعداد طعام مشترك، وبهذه المبادرة استطعنا توفير جو من الترابط بين أهل البلد، الذين تركوا مشكلاتهم خلف ظهورهم، وتوحدوا من أجل قضيتهم".

وترى شادية أن دور النساء عزز صمود الشباب، واستمرار رباطهم في الجبل، بدلًا من الاضطرار للمغادرة لتناول الطعام بعد شعورهم بالجوع والإرهاق، ولكن تقديم الطعام لهم جعلهم موجودين على مدار اليوم، وهنا ظهرت أهمية دور المرأة في تعزيز الصمود والدفاع عن جبل صبيح، فهي أخت وأم وبنت الشهيد والأسير والجريح.

وتكمل بنَفَس قوي: "لن نستسلم حتى يعود الجبل الفلسطيني، ونزيل أي وجود للمستوطنين"، وتأمل ألا يضعف التضامن والتفاعل مع قضية جبل صبيح.