قائمة الموقع

على ناصية الطريق.. ذوو شهداء 2014 يبيتون لياليهم بانتظار صرف رواتبهم

2021-07-10T09:14:00+03:00
اعتصام ذوي شهداء 2014 - غزة (أرشيف)

لم يبقَ أمام إلهام عناية حل سوى الاعتصام المفتوح والمبيت أمام مقر مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى التابعة لمنظمة التحرير، جنوبي غرب مدينة غزة، لعل صوتها يصل رئيس السلطة محمود عباس، من أجل صرف مستحقات زوجها الشهيد.

ولم تتلقَّ أرملة الشهيد مصطفي عناية، أي راتب منذ استشهاد زوجها خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014، رغم سيل الوعودات التي تلقوها طوال الأعوام الماضية بإنهاء معاناتهم وصرف رواتبهم ومخصصاتهم المالية.

وتداوم عناية (50 عامًا) على الاعتصام أمام مقر مؤسسة أهالي الشهداء والجرحى، والمبيت منذ 24 يومًا تواليا في خيمة نصبتها اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، للمطالبة بحقوق ذوي الشهداء.

واقتصر المبيت في بادئ الأمر على آباء وإخوة الشهداء، لكن مع استمرار مماطلة السلطة وتسويفها في إنهاء معاناتهم لجأت أرامل الشهداء للمبيت في خيمة الاعتصام كذلك، في محاولة منهن لتحريك الملف.

فقدان المعيل

وتقول عناية لصحيفة "فلسطين": "استشهاد زوجي أفقدنا معيل الأسرة، وأصبحت وأطفالي السبعة دون مصدر دخل"، وما زاد أوضاع أسرتها تعقيدًا أنها بحاجة لنحو 700 شيقل شهريا لتوفير احتياجاتها من الأدوية، كونها تعاني من إصابتها بضغط الدم و"الروماتيزم".

وتضيف أنه في حال لم تتلقَّ علاجها في الوقت المناسب تبدأ أرجلها بالتورم، وتعاني ارتفاعًا في حرارة الجسم وشحوبًا في وجهها، فتلجأ إلى اقتراض المال من أشقائها لتلبية احتياجاتها من الأدوية، وفي الغالب تستعين بالمسكنات الطبية لانخفاض تكلفتها وتراكم الديون عليها وعدم مقدرتها على سدادها.

واستشهاد زوج إلهام ترك فراغًا كبيرًا لعائلتها التي لا تقدر على توفير أبسط احتياجاتها، فتحاول الاكتفاء ببعض المال الذي يصلها من بعض الجمعيات الخيرية لشراء مستلزمات أبنائها.

وما يزيد قلبها غصة، أن عيد الأضحى المبارك والعام الدراسي الجديد يقتربان، وهي لا تملك مالا لتجهيز أطفالها للمناسبتين، داعية رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس وزرائه محمد اشتية، للاستجابة لنداءات أرامل الشهداء، وعدم تركهن ينمن على قارعة الطريق للمطالبة بحقوقهن.

واستشهد عناية بقصف استهدفه أثناء عودته من صلاة العصر إلى منزله بالقرب من مسجد بئر السبع في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، في عدوان 2014.

أجرة المنزل

ولا يختلف الحال كثيرًا لدى فريال أبو دباغ، شقيقة الشهيدين غسان وياسر اللذين ارتقيا في قصف إسرائيلي استهدف منزهما في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، مطالبة عباس بالإسراع في صرف رواتب ومخصصات أهالي شهداء عدوان 2014.

وباتت فريال تخشى على والدتها من الاعتقال لعدم قدرتها على تسديد أجرة المنزل الذي يقيمون فيه منذ سبعة أشهر، مشيرة إلى أن والدتها باتت مطالبة بسداد أجرة المنزل، ويخشون في أي لحظة طردهم إلى الشارع.

وتشير لـ"فلسطين" إلى أن عائلتها طردت أكثر من مرة من منازل استأجروها، لعدم تمكنهم من سداد أجرة المنزل المقدرة بـ500 شيقل شهريا، وبعد فشل جميع الوعود التي حصلوا عليها بالاستجابة لمطالبهم وصرف رواتبهم ومخصصاتهم المالية من قيادات في السلطة ومنظمة التحرير زاروا خيمة الاعتصام على مدار الأشهر الماضية.

وباستشهاد الشقيقين غسان وياسر فقدت العائلة مصدر دخلها، إذ كان إخوتها يبيعون القهوة والشاي على الطرقات، ويؤمنون احتياجات عائلتهما.

وترك الشهيد غسان زوجته و4 أطفال يعيشون مع أمهم في أوضاع مأساوية، لعدم امتلاكهم الأموال لشراء احتياجاتهم، في حين ترك الشهيد ياسر أمه وثلاثة أشقاء دون مصدر دخل.

تتساءل إلهام بحزن شديد: "لماذا نُترك ونبيت في الشارع للمطالبة بحقوقنا، أليس راتب الشهيد حقا أقرته منظمة التحرير، لِمَ لمْ يتم إنهاء معاناتنا طوال هذه الأعوام، أهكذا يكرم أهالي وأرامل الشهداء بتركهم يطالبون بحقوقهم؟".

ورغم تردي الوضع الصحي للحاج عمر أبو العمرين (62 عامًا) يصر على مشاركة أهالي الشهداء اعتصامهم والمبيت أمام مقر مؤسسة رعاية أسرى الشهداء والجرحى للمطالبة بحقوقهم.

ويقول أبو العمرين إنه باستشهاد نجله يحيى خلال عدوان 2014 "كمن فقد يده وقدمه" كونه كان يقف إلى جانبه طوال الوقت، ويصاحبه في ذهابه وعودته من المستشفى كونه يعاني من مرض "الكبد الوبائي".

ويحتاج أبو العمرين، وهو أحد أعضاء اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى، إلى مبلغ يقدر بـ120 شيقلًا أسبوعيًّا، لشراء بعض الأدوية التي يحتاجها وفق ما قاله لـ"فلسطين".

ويؤكد أن خيمة الاعتصام المقامة قبالة مقر المؤسسة، يتواجد فيها المرضى وكبار السن من ذوي الشهداء وأراملهن وشقيقاتهن، داعيًا السلطة للوقوف إلى جانبهم وصرف رواتبهم ومخصصاتهم المالية، وعدم تركهم طويلًا في الشارع.

أزمة مالية

وأوضح الأمين العام للجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى ماهر بدوي، أن ملف أهالي شهداء 2014 لا يزال يراوح مكانه، رغم الوعود التي حصلوا عليها بإنهاء معاناتهم.

ويقول بدوي لـ"فلسطين": تلقينا قبل قرار تعطيل الانتخابات سيلًا من الوعود بإنهاء معاناة الأهالي، لكن بعد القرار لم نبلغ بأي جديد بخصوص اعتماد شهداء عدوان 2014 الذين يعانون منذ سنوات.

ويضيف أن رئيسة مؤسسة الشهداء انتصار الوزير أبلغتهم أن الملف سينتهي قريبًا، وتم تجهيز جميع الملفات ووضعها على طاولة رئيس الوزراء لاعتمادها، لكن توقف هذا الملف وعدنا لنقطة الصفر بعد تعطيل الانتخابات بحجة الأزمة المالية.

ولفت بدوي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية لأهالي وأرامل الشهداء، وعدم امتلاكهم أي مال لشراء احتياجات أبنائهم مع إقبال عيد الأضحى المبارك والعام الدراسي الجديد، مبينا أن أهالي شهداء 2014 دخلوا عامهم الثامن تواليا، دون الاستجابة لمطالبهم، رغم الاعتصامات المتكررة والمفتوحة التي قاموا بها.

ودعا جميع المسؤولين والذين وعدوهم للاستجابة لمطالبهم، وحل قضيتهم في أسرع وقت ممكن، مشيرا إلى استياء الأهالي الشديد لتجاهل معاناتهم.

وتنتظر نحو 1833 عائلة شهيد من أهالي شهداء عدوان 2014 توقيع عباس قرارًا يقضي بصرف رواتبهم المستحقة التي كفلتها اللوائح الداخلية لمنظمة التحرير.

وتمتنع السلطة في رام الله وحكومة اشتية، عن صرف المخصصات المالية لأهالي الشهداء في قطاع غزة، بحجة عدم توفر موازنة مالية لهم، في الوقت الذي تصرف فيه راتبًا شهريا لكل شهيد يرتقي بالضفة الغربية المحتلة، معززةً سياسة تمييز واضحة.

اخبار ذات صلة