تغيرات كبيرة جرت على مدار 6 سنوات مضت في الصراع بين الاحتلال والمقاومة، تمكنت فيها الأخيرة من تحقيق قفزات فعلية على صناعة الوعي نحو الصراع مع الاحتلال، بحيث تصدرت القضايا والثوابت الوطنية الصراع، مثلما الحال في سيف القدس التي اندلعت معركتها على خلفية تثبيت المقـاومة معادلة أن القدس في بؤرة الصراع، ويحق للمقاومة أن تجبر الاحتلال على عدم إحداث تغيير أو الاعتداء على المقدسيين، كما حدث في اقتحام المسجد الأقصى، أو تهجير حي الشيخ جراح وحي سلوان وغيرها، وهذا لم يكن يحدث سابقًا، بحيث يستفرد الاحتلال بالقدس على مدار سنوات الاحتلال منذ عام 1967، وساهمت اتفاقيات أوسلوا في تثبيت الاحتلال وترسيخ تهويده الأقصى، واستيلائه على القدس.
في معركة العصف المأكل تمحور الصراع حول حماية المقاومة من حرب الإفناء التي شنها الاحتلال، وهو أحد أهداف عدوان الاحتلال المعلنة بالقضاء على المقـاومة، وهذا ما فشلت فيه، أما في سيف القدس فلم يعلن الاحتلال ذلك بصفته هدفًا، لأنه غير قابل للتطبيق، ولا يستطيع أكثر مما أعلنه عن الإضرار في المقـاومة.
رسّخت معركة سيف القدس كما العصف المأكول الاحتضان الشعبي للمقاومة، وفي مقابله فشل الاحتلال في ذلك، بل تضاعفت في هذه المعركة، وكانت نداءات الفلسطينيين للمقاومة بالمزيد من الضربات للاحتلال، وشعارات المقاومة يرددها ممن هم الحاضنة المباشرة للمقاومة، وانتقل لغيرهم في غزة والقدس ويافا وحيفا والناصرة والخليل ونابلس، وشعارهم (حط السيف مقابل السيف- احنا رجال محمد الضيف)، وهو ما رددته أمس زوجة الأسـير منتصر شلبي منفذ عملية زعترة، ووالدتها في ترمسعيا، وهذا التحول في الحاضنة الشعبية.
المقاومة تحولت إلى عنوان للتصدي للاحتلال في مقابل فشل مشروع التسوية لجماعة أوسلوا، وأصبحوا أكثر انعزالًا، في حين أن مشروع المقـاومة يتمدد ويتسع قوة وحضورًا.
المقـاومة بين العصف المأكول وسيف القدس، انتقلت لتسجيل النقاط على الاحتلال، بل فضحه أمام العالم وجمهوره الداخلي، ولعل تهشيم صورته في الحرب البرية عام 2014 جزء من الصورة الأكبر في 2021، بفضل الضربات التي وجهت له، وصولا إلى نصر سيف القدس الواضح الذي لا مواربة فيه، وأن محاولات الفريق المنهزم للنيل من صورة النصر لصالح الاحتلال فشلت فشلًا ذريعًا، في حين علا أهل السيف على الاحتلال وغيره، وفرضت المعادلات السابقة على الصعيد العسكري والإعلامي والجماهيري.