فلسطين أون لاين

تقرير تحليل: نصر "سيف القدس" كانت نتاجًا لمراكمة قوة "العصف المأكول"

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

حرب طاحنة استمرت واحدًا وخمسين يومًا استخدم فيها الاحتلال كل أنواع الأسلحة للقضاء على المقاومة الفلسطينية بغزة، لكنها فاجأته وعلى رأسها "كتائب القسام" بقدرتها الكبيرة على الصمود و"النفس الطويل"، اللذَيْن جعلاها تصمد حتى نهاية المعركة، وما بعدها، حتى أخذت بنفسها زمام المبادرة في معركة "سيف القدس"، بعد أن راكمت قوتها لتحقق نصراً مؤزراً على الاحتلال.

وما بين "العصف المأكول" و"سيف القدس" كانت للمقاومة صولات وجولات أثبتت أنها خرجت من عدوان 2014 م الذي أراد الاحتلال به قطع دابرها، أكثر قوة وعزيمة، وفي كل مرة في جعبتها ما يبهر الاحتلال قبل مناصريها، كما يؤكد خبيران بالشأن العسكري.

ففي الثامن من يوليو شن الاحتلال حرباً عنيفة على غزة استمرت أكثر من خمسين يوماً، ارتقى خلالها 2147 شهيداً، في محاولة منه للقضاء على المقاومة بغزة التي كانت له بالمرصاد، وفاجأته بمستوى جهوزيتها وعملياتها النوعية ضد قواته حتى أنها تمكنت من أسر عددٍ من جنوده.

تطور نوعي

الخبير بالشئون العسكرية رامي أبو زبيدة رأى أن معركة العصف المأكول أبرزت تطوراً نوعياً لقدرة المقاومة ومراكمتها للإعداد والتجهيز على الأرض، قائلاً: "أثبتت المقاومة خلال 50 يومًا قدرتها على مواجهة التهديدات والصمود وضرب الاحتلال في أكثر من موقع".

وأوضح أن المقاومة نفذت عمليات استطاعت من خلالها إيلام الاحتلال بشكل كبير وتحجيم قدرته على مواجهتها بشكل مباشر، مذكرًا بأبرز العمليات مثل: أبو مطيبق وإيريز وشرق خانيونس وعملية خطف الجنود في الشجاعية والتفاح ورفح.

وأشار إلى تمكن المقاومة من تكثيف ضرب عمق دولة الاحتلال "تل أبيب" بالصواريخ، واستخدام الكوماندوز البحري وطائرات "الأبابيل" لأول مرة.

وبين أبو زبيدة أن المقاومة تمتعت بـ"النفس الطويل" والصبر فاستطاعت مراكمة إنجازات كبيرة أجبرت الاحتلال على الرضوخ لشروطها على الرغم من الفارق الشاسع في الإمكانات العسكرية، لكن الاحتلال ليست لديه القدرة على الصمود في المعارك الطويلة؛ لأن جبهته الداخلية سرعان ما تنهار، فاستطاعت المقاومة إطالة أمد المواجهة لأطول فترة ممكنة.

وقال: "الركيزة الأهم من الإعداد والسلاح للمقاومة، هي العمق البشري المتمثل بالحاضنة الشعبية التي بصمودها وتكاتفها مع المقاومة أعطت دافعاً معنوياً كبيراً لها، لكونها تدرك أن عمل المقاومة هو من أجل الدفاع عن حقوق وثوابت شعبنا".

وذكر أبو زبيدة أن تمكن المقاومة من أسر عدد من جنود الاحتلال من نقطة صفر ضرب العدو في مقتل، "فكان ذلك عنصر قوة للمقاومة ونقطة ضعف للاحتلال".

ولفت إلى أن كل المحللين الإسرائيليين بعد "العصف المأكول" أكدوا أن الاحتلال لم يستطع كسر المقاومة الفلسطينية ولم يحقق أهدافه بالقضاء على الأنفاق وحكم "حماس" في غزة، "وتأكد ذلك الفشل في الجولات العسكرية اللاحقة، وآخرها معركة "سيف القدس" التي أظهرت مراكمة كبيرة للقوة".

وقال أبو زبيدة: خاضت المقاومة "سيف القدس" بناء على الدروس المستفادة من "العصف المأكول" في الإعداد والتجهيز.

قواعد اشتباك جديدة

بدوره أكد الخبير بالشئون العسكرية محمد أبو هربيد أن هدف الاحتلال في "العصف المأكول" كان فرض قواعد اشتباك جديدة في غزة لكنه تفاجأ بأن المقاومة هي التي فرضت قواعدها وهزت قوة الردع لدى الاحتلال.

وقال: "أظهرت المقاومة قدرتها على الصمود رغم استخدام الاحتلال القوة المفرطة وقصفه أحياء كاملة، لكن المقاومة أزاحت الستار عن صواريخ مصنعة محلياً استخدمتها للمرة الأولى، في حين أوجعت الاحتلال بقصف المستوطنات المحيطة بغزة بقذائف الهاون".

ولم تتوقف مفاجآت المقاومة ممثلة بـ"كتائب القسام" عند هذا الحد فأدخلت للمعركة لأول مرة الضفادع البشرية وخطفت الجندييْن الإسرائيلييْن "شاؤول أرون وهدار غولدن"، فأظهرت ضعف البنية العسكرية لجيش الاحتلال الذي لم يعد يجرؤ بعدها على أي عملية برية في غزة بسبب التكلفة الباهظة التي تكبدها في "العصف المأكول"، وفقاً لأبو هربيد.

وأشار إلى أن المعركة أضعفت الحالة النفسية لجنود الاحتلال برغم امتلاكهم أدوات تقنية عالية، مقابل تفوق المقاوم الفلسطيني برغم قلة الإمكانات، وصموده بفضل تماسك الجبهة الداخلية لشعبنا التي مكنت المقاومة من فرض شروطها.

وقال: "يحسب للمقاومة أنها استطاعت إطالة أمد المعركة وكي وعي المجتمع الإسرائيلي الذي لا يحتمل الحروب الطويلة فنجحت المقاومة في عض الأصابع، وترسيخ عملية ردع وقواعد اشتباك جديدة مهمة".

ورأى أن ما رسخته المقاومة في العصف المأكول كان واضحاً وجلياً في "سيف القدس" التي كثفت فيها المقاومة النيران ولم تستطع فيها (إسرائيل) الدخول برياً فكان أداء المقاومة فيها مفاجئاً للاحتلال.

وأضاف: "كما أن صندوق إنجازات 2014 ما زال مليئاً خاصة في ظل استمرار المقاومة بأسر الجنود الإسرائيليين بغزة، وباتت الحروب الإسرائيلية بعدها استعراضية وفاشلة لا تحقق أهدافها، في حين تراكم المقاومة قوتها وإنجازاتها معركة بعد أخرى".