فلسطين أون لاين

بعد أنْ هوى دورها السياسي إلى الحضيض

وثيقة السلطة لإدارة بايدن.. استجداء للعودة إلى مسار التسوية مع الاحتلال

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

محاولات حثيثة تقوم بها السلطة في رام الله للعودة إلى مسار التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي، برعاية أمريكية، بعد أنْ هوى دورها السياسي إلى الحضيض، بعد الإنجاز الذي حققته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خلال معركة "سيف القدس"، في مايو/أيار الماضي.

وتخشى السلطة أن تسحب فصائل فلسطينية البساط السياسي من تحت أقدامها ما جعلها تغتنم فرصة التواصل الأمريكي معها خلال "سيف القدس" لتحقيق اختراق على مسار سياسي ما زال غير ممكن، وفق ما يرى محللان سياسيان.

وأوضح المحللان في حديثين منفصلين مع صحيفة "فلسطين"، أن المؤشرات على الأرض تؤكد على أن الإدارة الأمريكية لن تتجاوز التعامل الإنساني مع القضية الفلسطينية في سبيل حماية أمن (إسرائيل).

وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية كشفت، أول من أمس، عن تقديم السلطة الفلسطينية وثيقة إلى الإدارة الأمريكية تتضمن 30 مقترحًا ما بين سياسية واقتصادية ترغب في تحقيقها مع (إسرائيل) خلال فترة الرئيس جو بايدن.

وأبدى مسؤولون في السلطة الفلسطينية مرارًا استعدادهم للعودة إلى مفاوضات التسوية وإن كان بشروط، يتوقع محللون أن يتراجعوا عنها.

ففي 27 مارس/آذار الماضي، رحب رئيس السلطة محمود عباس، بدعوة أطلقتها اللجنة الرباعية الدولية، لاستئناف المفاوضات.

وفي 30 مايو/أيار الماضي، بحث رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، مع المبعوث الأوروبي لعملية التسوية في الشرق الأوسط سفين كوبمانز، إطلاق مسار سياسي جاد لإعادة إحياء عملية التسوية، وفق ما ذكر وكالة "وفا" التابعة للسلطة.

تعامل إنساني بحت

ورأى الكتاب والمحلل السياسي، وسام عفيفة أن الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن لم تضع الملف الفلسطيني على سلم أولوياتها ولم تُجر أي اتصالات مع السلطة في رام الله التي كان لديها إحباط من هذا السلوك.

وقال عفيفة: إن "معركة "سيف القدس" رفعت القضية الفلسطينية إلى سلم الأولويات على طاولة المشهد الدولي فاضطرت الإدارة الأمريكية أن تجري حراكًا سياسيًّا عبر "دبلوماسية الاتصالات المكوكية" التي أجراها بايدن مع الأطراف المعنية من ضمنها السلطة".

وأضاف: أن "المحرك الأساسي كان ما أنجزته المقاومة من دفع القضية الفلسطينية لموقع الصدارة ما جعل الإدارة الأمريكية تعيد النظر إلى حد ما بدرجة اهتمامها بها، فبرزت دعاوى لضرورة دعم وإسناد السلطة وأن يتم إحياء مسار سياسي، لكن لم يتم ترجمته لخطة عمل واضحة".

وعبَّر عن اعتقاده بأن الإدارة الأمريكية ما زالت حذرة بشأن استئناف المفاوضات فيقتصر حراكها على المحافظة على وجود وبقاء السلطة والحفاظ على التوازن في المشهد الفلسطيني (السلطة والمعتدلون في مواجهة حماس والمقاومة) بعيدًا عن تقديم مبادرة سياسية واضحة.

واستدرك بالقول: "لكن السلطة التقطت الإشارة الأمريكية بإعادة التواصل معها بعد معركة "سيف القدس" لتبادر بمحاولة استئناف المفاوضات وهي مهيأة لالتقاط أي مبادرة تعيدها إلى المشهد السياسي حيث لم يعد لديها أي خطوط حمراء، فستقبل بأي شيء بغض النظر عن مسار تلك المفاوضات وماذا يمكن أن تناقش ومستوى الاهتمام الدولي بها".

وأشار عفيفة إلى أن كل اشتراطات "عباس" لم تعد قائمة حيث أن دور السلطة يتآكل مع مرور الوقت فقد أصبح دورها مقتصراً على الجانب الخدماتي والأمني فقط مع الاحتلال.

وأضاف: "بالمقابل لا يوجد أي فرصة لأن يكون هناك أي شريك إسرائيلي في أي مفاوضات بما فيها حكومة نفتالي بينيت الجديدة التي أكثر ما يمكن أن تقبل به أن تعيد إحياء مسار إسناد السلطة في وجه حركة حماس.

منهج المفاوضات

من جانبه، رأى المحلل السياسي، تيسير محيسن، أن منهج السلطة في التعامل مع الاحتلال قائم على المفاوضات فقط وجود دون أي خيار ثانٍ، وهو ما يؤكده قادة السلطة مرارًا وتكرارًا.

وقال محيسن: إن تعطل مسار المفاوضات في السنوات الماضية كان لظروف متعلقة بالحاضنة الدولية له، متمثل بـ(الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب بجانب عدم قناعة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأهميتها.

وأضاف أن نهج الإدارة الديمقراطية الحالية القائم على المفاوضات جعل قيادة السلطة في رام الله تحاول تسريع تعاطي هذه الإدارة مع الحالة الفلسطينية فقدمت رؤية لاستئناف المفاوضات.

وأعرب عن اعتقاده بأن البيئة السياسية الحالية غير مواتية لاستئناف المفاوضات لأن الاحتلال ليس مضغوطًا في هذا الاتجاه إلا في حالة واحدة هو رغبته في إنقاذ السلطة ومد طوق النجاة لعباس وفريقه في ظل التهديدات الداخلية والخارجية حوله.

وشرح محيسن حديثه بالقول: "وتتمثل التهديدات الأخيرة في المزاج الشعبي العام بالضفة الغربية بعد اغتيال السلطة المعارض السياسي نزار بنات وبعد معركة "سيف القدس" التي دفعت منهج المفاوضات للخلف كثيرًا لصالح نهج المقاومة".

وتابع: "فالوضع الذي باتت عليه السلطة من حيث السلوك الميداني والأمني والظرف الاقتصادي السيء الذي تعاني منه وعدم الرضا من قبل الاتحاد الأوروبي على أدائها المالي يلقي بظلال سلبية على دعمه المالي لها ما يحد من قدرة السلطة على الاستمرار بمهامها".

ولفت المحلل السياسي إلى أن الإدارة الأمريكية لم تبلور خطة واضحة للتعامل مع الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، وهل ستتراجع عن "صفقة القرن" التي أقرتها الإدارة السابقة والذي تعتبره (إسرائيل) إنجازًا لها.

وذكر محيسن أن هناك عراقيل كبيرة في مسار السلطة لصنع إنجاز سياسي في عهد بايدن فالسقف المحتمل الذي يمكن أن تصل إليه هو تعامل أمريكا مع القضية إنسانيًّا بحتًا ما يحول دون تحقيق السلطة أي إنجاز سياسي.

المصدر / فلسطين أون لاين