فلسطين أون لاين

في إثر اغتيال نزار بنات

تقرير مرشحو التشريعي.. إصرار على إعلاء صوت المعارضة السياسية بأي ثمن

...
احتجاجات شعبية على اغتيال نزار بنات (أرشيف)
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

انتقال دراماتيكي في الأوضاع الداخلية الفلسطينية أحدثته السلطة بتعطيلها الانتخابات التشريعية بحجة واهية، ليجد مرشحو القوائم المختلفة أنفسهم أمام واقع جديد باغتيال واحدٍ منهم (نزار بنات)، فبعد أن كانوا يخشون على حياتهم من الاحتلال أصبح لزامًا عليهم أن يأخذوا حذرهم من أجهزة أمن السلطة التي بطشت بزميلهم وتحاول كتم كل صوت معارض بالضفة، مؤكدين أن العودة للوراء باتت مستحيلة وأنهم سيستمرون في نشاطهم السياسي، مهما كلفهم ذلك من ثمن.

واغتالت السلطة الخميس الماضي المرشح السابق للانتخابات التشريعية عن قائمة "الحرية والكرامة"، على خلفية نشاطه السياسي ونقده اللاذع للسلطة وسلوكها السياسي.

تجاوز للخطوط الحمراء

المرشحة عن "القدس موعدنا" فادية البرغوثي بينت أن حادث الاغتيال البشع للمرشح نزار بنات هو تجاوز للخطوط الحمراء، مع خصوصية وضع الشهيد لكونه مدافعًا عن حقه وحق كل إنسان فلسطيني في العيش بكرامة وحرية بطريقة سلمية.

وقالت: "كل رسالة نزار كانت محاربة الفساد بالكلمة، فأن يرد بقتله هو أسلوب كنا نظن أنه مقتصر على الاحتلال، ولم نتوقع أن تمارسه السلطة وأجهزتها الأمنية ضد شعبها".

وأشارت إلى أن بنات انتهج الخط الديمقراطي السليم الذي ينتهجه كل أحرار العالم، وحاول إيصال صوته ورسالته بطريقة الانتخابات عبر صناديق الاقتراع، وحُرم منها بإلغاء العملية الانتخابية، ثم حرم الحياة بقتله.

وأكدت البرغوثي أن تعطيل الانتخابات كان مدخلًا لحرمان شعب كامل حقه في اختيار ممثليه وإيجاد سلطة تشريعية تحاسب وتراقب ما يحدث في الضفة الغربية، "فكان هذا أول قرارات القمع للشعب وإرادته، ثم قتل المرشحين، ومعاقبة الشعب الذي استنكر هذه الجريمة، ومحاولة استهداف كل من يرفع صوته برفضها".

ولفتت إلى أنها مرشحةً للانتخابات كانت تخشى أن يتعرض الاحتلال لها ولعائلتها، لكن المؤسف أن الاستهداف جاء من السلطة، مشيرة إلى أنها شاركت في المسيرة التي خرجت برام الله استنكارًا لاغتيال بنات وواجهتها السلطة بالقمع، ما أدى إلى إصابتها بقنبلة غاز في القدم.

وأعادت البرغوثي تأكيد أن ما حدث مع بنات "لن يخيف الشعب الفلسطيني الحر الذي لم يرضخ للاحتلال ولن يتوقف عن المطالبة بحقوقه"، وأن إلغاء الانتخابات لن يمنع المرشحين من مواصلة المطالبة بحقوق الإنسان الفلسطيني، قائلة: "فقد دخلنا الانتخابات للمطالبة بحقوق شعبنا لا للحصول على منصب".

وتحدثت البرغوثي عن تنسيق بين القوائم الانتخابية للاستمرار في المطالبة بحق نزار بنات قانونيًّا، وعبر الخطوات الاحتجاجية، وصولًا لكشف قتلته ومحاكمتهم.

استهداف للمعارضة

بدوره عدّ رئيس قائمة "الكل الفلسطيني" بسام القواسمي اغتيال بنات استهدافًا للمعارضة وتكميمًا للأفواه، قائلًا: "فالسلطة تخشى المعارضة لوجود فساد مستشرٍ ومخالفات قانونية كثيرة، وعدم التزام بالقوانين الفلسطينية؛ فلا يريدون أن يكون هناك مساءلة ولا رقابة".

وأشار إلى أن ما تفعله السلطة مخالف لأبسط المبادئ الديمقراطية التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني، ومنها حرية الرأي والتعبير والاحتجاج، "كما أن النظام القانوني والسياسي الفلسطيني ينص على التعددية السياسية".

وبين القواسمي أن معارضة المتنفذين في السلطة الاحتجاجات السلمية وحق المعارضة السياسية في التظاهر نابعة من رغبتهم في الحفاظ على مكاسبهم الشخصية، ومناصبهم التي استغلوا تضحيات الشعب الفلسطيني للوصول إليها.

وإذْ أكد القواسمي أن السلطة واهمة أنها بمؤامراتها على حقوق شعبها وممارستها القمع والبطش والقتل ستوقف المعارضين السياسيين -ومنهم المرشحون- عن المطالبة بحقوق شعبهم، قال: "سيزيدنا ذلك إصرارًا على المطالبة بحقوقنا، سواء شاءوا ذلك أم أبوا".

وأضاف: "شعبنا العظيم لم يبتلع ظلمه من الاحتلال؛ فكيف له أن يقبل ذلك من سلطة أتينا بها بدم شهدائنا وسني عمر أسرانا، لنحافظ على المشروع الوطني والوطن والمواطن، لا أن تعتدي عليه وعلى حقوقه؟!".

وأكد القواسمي أن اغتيال بنات سيبقى "وصمة عار" على جبين السلطة الفلسطينية داخليًّا وخارجيًّا حتى تحاسب القائمين على هذه الجريمة ومن تستر عليها، قائلًا: "مهما فعلوا فلن يمنعونا من أن نستمر في تحقيق حلم شعبنا بإقامة دولة مستقلة، بها مؤسسات تقوم على احترام حقوق المواطن، وأجهزة أمنية تدافع عن المواطن ولا تعتدي عليه".

ولفت إلى أنه مرشحًا تعرض للقمع في المسيرة الرافضة اغتيال بنات وأغمى عليه، لكنه ابنَ شعب لم يستطع الاحتلال تركيعه لن يخضع لرغبات بعض المنتفعين من السلطة.

ومضى إلى القول: "سننتظر قليلًا لنرى إجراءات السلطة، فإن اعتقلت وساءلت وحاسبت من اعتدى على بنات فستخفف حالة التوتر في الشارع، أما إذا لم يتخذوا الإجراءات الرادعة فسنحاسبهم داخليًّا وخارجيًّا، وسنصل بقضيته إلى محكمة الجنايات الدولية".

وأعرب القواسمي عن اعتقاده أن بداية تأزيم الوضع الداخلي جاءت بتعطيل رئيس السلطة عباس الانتخابات بحجج واهية، بعد أن رأى إقبالًا كبيرًا على المشاركة فيها، الأمر الذي أشعر قيادة السلطة بالخطر الذي تمثله الانتخابات على مكانتهم، في نظام سياسي منهار وغير دستوري، فإذا هم يقتلون صوتًا معارضًا يطالب بتجديد الشرعيات الفلسطينية.