فلسطين أون لاين

الشيف "سجى".. دفن الاحتلال أحلامها بقصف مشروعها النسوي "بيتنا"

...
غزة- هدى الدلو:

بعد دراسةٍ للفكرة دامت لسنوات عدة، ومن ثم اختيار الاسم والموقع، والطاقم العامل، والتأثيث والتعفيش، وغيرها الكثير من الأمور، رأى حلمها النور بافتتاح "مطبخها" الذي سمي "بيتنا"، ذلك المشروع الذي كان سيجمع موهبتها وهوايتها ويظهر للعلن، وضعت فيه كل ما تملك، ولكن بغمضة عين نسف الاحتلال الإسرائيلي بصواريخه كل هذا العناء والتعب وأحالهما إلى ركام ودمار.

الشيف سجى أبو شعبان الحاملة لشهادة بكالوريوس إدارة أعمال، لديها حب ونفس في الطهي وإعداد الأكلات، فحصلت على المركز الأول بمسابقة الطهي في قطاع غزة، والميدالية الذهبية على مستوى الوطن العربي.

مطبخ "بيتنا" مشروع نسوي يعد الأكلات البيتية والشرقية في ظل توجه معظم المطاعم المحلية لإعداد الأطباق الغربية.

تقول سجى لصحيفة "فلسطين": "درست الفكرة لعدة سنوات ووضعت فيها كل طاقتي وجهدي لأخرج بهذا المشروع الذي استثمرت فيه كل إبداعي وخبراتي وهواياتي حتى طموحاتي المستقبلية، وثبت أوتاده على أرض الواقع، وشاركته مع سيدات أخريات يعانين أوضاعا مادية صعبة، فكان لهم بمنزلة مصدر دخل لهن ولعوائلهن".

"ولكن" تصمت برهة ثم تتابع حديثها: "قد يكون من الصعب خروج السيدات إلى هذا المجال في سوق العمل، إلا أن ما دفعني حاجتي لكل قرش لتحسين مستوى الدخل في مجال هوايتي"، ومع حلول ساعات فجر الأربعاء 12 مايو/ أيار تحول ذلك الواقع إلى كابوس مؤلم لا يمكن تقبله واستيعاب ما حصل، "فما يوجد في برج الجوهرة الذي افتتح فيه مطبخ بيتنا هو بيوت ومكاتب محاماة وصحافة، وهو ما يؤكد أن الاحتلال يستهدف كل فلسطيني".

لم تتحمل الانتظار، فأرادت الذهاب إلى مكان القصف في منتصف الليل لتطمئن على أدواتها ومقتنياتها وتجد شيئًا من طموحها، ولكن عائلتها منعتها، فلا يؤمن غدر الاحتلال، وانتظرت بزوغ شمس الصباح بفارغ الصبر لتذهب هناك وترى الأفران والثلاجات والخلاطات الكهربائية قد تحولت إلى ركام لا تصلح لأي شيء.

وتوضح سجى أنها لم تتمكن من الذهاب إلى المكان لحظة معرفتها بقدوم الاحتلال على قصف البرج وإخلاء الأدوات والمعدات لعدم وجود مهلة يمنحها الاحتلال لذلك، وحاجتها لكادر شبابي لإخراجها، فلم يكن أمامها سوى استيداع مشروعها وديعة عند الله ليحفظه.

وعندما ذهبت إلى هناك صدمت بحجم الدمار الذي حل بالمكان، الذي استهدف الطوابق الأرضية، مكان مشروعها، فشعرت بألم داخلي لحظة رؤيتها ذلك، "الألم الذي بداخلي يملأ العالم كله، لا أستطيع أن أصفه، الشعور قاتل، والصدمة كبيرة، أحلامنا تدمرت وكل الذي بنيناه خلال سنوات هدم بلحظة، فلم أجد أي أمل في استصلاح أي شيء".

وتتابع سجى: "إنه مشروع نسوي، وضعنا فيه كل طموحاتنا وأحلامنا، وكل ما نملك، وبالتالي أثر ضياعه بغمضة عين صعب في النفس، فقد تحملنا التعب ومشقة الخروج من بيوتنا لأجل لقمة العيش، فالمرأة تكوِّن نفسها بصعوبة، وخصوصيتها تصعب علينا إيجاد أي فرصة عمل بسهولة".

وتقدر قيمة الخسائر المادية بأكثر من 50 ألف دولار، لذلك تأمل أن تجد من يقف بجانبها والسيدات اللواتي يعملن معها في المشروع، لإعادة ترميم المكان، وترفض استقبال طلبيات لإعداد الطعام في بيتها، فترى أنها خطوة ضعيفة بعد تأسيسها المطعم وتعيدها للخلف، فقد وصلت إلى مرحلة متقدمة من المعرفة والشهرة بين الناس.

وتوجه رسالتها بصفتها سيدة تمتلك طموحًا وأحلامًا وواجهت العديد من التحديات، وكان لها صدى: "على كل من يحمل في قلبه ذرة إنسانية للبشرية ويعرف كيف تكوِّن المرأة نفسها أن يساندوا المرأة الفلسطينية التي تواجه الكثير من الصعوبات الحياتية، ويعززوا من صمودها لتتمكن من إعادة ترميم أحلامها التي هدمت".