تابعت على مدار 10 سنوات ماضية نشاطات ومواقف وآراء الناشط السياسي المرحوم نزار بنات، الذي يقدم صوت كل حر وشريف ووطني، ويسطع به دون تردد أو خوف.
اخطط نزار لنفسك مسارًا وطريقًا مختلفًا عن الكثيرين ودافع عنه، في بوصلته هو مقاومة الاحتلال، لكن للوصول إلى التحرير يجب كنس الطريق بما فيها من نظام سياسي يقوم على التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وينخر به الفساد من أعلى الرأس حيث محمود عباس الذي أرسى قواعد الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي، ولوث المفاهيم الدينية والمجتمعية، ولم يبقَ ركن وزرع فيه بذرة فساد في المستقبل.
جاء القرار بالتخلص من نزار في لحظة وصلت فيه قيادة السلطة إلى مرحلة الفشل في إسكات صوت نزار، ونفذت الجريمة بطريقة منظمة ودقيقة، لكن ما لم يكن في حسبانهم هو ردة الفعل الجماهيرية التي تحدثت.
قرار التخلص من نزار اتخذته قادة الأجهزة الأمنية لردع من هم أمثال نزار، ولم يبقَ لديهم القدرة على تحمله أكثر من ذلك، فهو أكبر من فصيل وحدب وحركة، وصوته يهز الأركان، ويفضح فيه الأجهزة الأمنية التي ترتبط بأجندة للاحتلال، وتبع لبعض الأنظمة العربية.
لا يمكن أن يتخذ قرار اغتيال نزار دون اطلاع ومصادقة رئيس السلطة الذي اتبع سياسة الإقصاء لكل الأصوات المعارضة أو المختلفة معه، ولو كانت داخل حركة فتح، أو على طاولة ما يسمى منظمة التحرير التي شكلها عباس ذاته، ومع الفصائل كما الحال مع فصائل منطمة التحرير.
نزار بنات لم يكن شخصًا عاديًا بل ثائرًا وطنيًا ومثقفًا ثوريًا، وله حضور شعبي وجماهيري واسع، ولو استمرت العملية الانتخابية التي عطلها عباس لحازت قائمة نزار على عدد من مقاعد المجلس التشريعي وفي مقدمتهم نزار.
طريقة وأسلوب اغتيال نزار هو عمل مخابراتي وأمني بامتياز، في فجر يوم الخميس وفي مناطق تخضع للاحتلال الإسرائيلي، مما يعني التنسيق الأمني المباشر مع الاحتلال، والكل يعرف أن أي تحرك في تلك المناطق يحصل على موافقة عليا من الاحتلال والسلطة.
لو لم يكن القرار باغتياله، لأمكن اعتقاله في مناطق عدة، ومتابعته، أو حتى تأجيل ذلك إلى حين، لكن القرار هو بتغييبه.
مثل نزار صوت في الضفة يفضح ممارسات قيادة السلطة، وفي مقدمتها عباس، ولعل آخرها تبادل جريمة اللقاحات التي كشفت حجم الإجرام الذي تمارسه السلطة ضد شعبنا الفلسطيني، عبر تبديل اللقاحات لصالح المستوطنين، وتقديم لقاحات منتهية الصلاحية للمواطن الفلسطيني.
نزار دافع ونافح عن المقاومة وآخرها في سيف القدس بتبني رواية المقاومة في مواجهة محاولات السلطة تشويه ما حققته المقاومة من إنجازات.
هناك خشية بعد اغتيال نزار أن تنفذ عمليات اغتيال مشابه، وخاصة أن سجل قيادة السلطة معروف في ذلك، وهو ما يسترعي يقظة وانتباه المعارضين والنشطاء خشية تكرار ما حدث مع نزار، وهي دعوة أيضًا لادعاء الديمقراطية للتحرك وملاحقة عباس وقيادة السلطة وتقديمهم للمحاكمة العاجلة، عبر تشكيل محكمة دولية خاصة، وهذا يتوافق مع المواثيق والأعراف الدولية، ومتعارف عليه في مثل هذه الجرائم.