قائمة الموقع

"فقدة" رمضان فَخْرُ المرأة بأهلها أمام عائلة زوجها

2017-06-01T08:36:06+03:00

تكثر في شهر رمضان المبارك المشاهد واللوحات والطقوس الرمضانية بمدينة نابلس، وتكثر العادات والتقاليد والممارسات التي تزيد من بهائه وجماله وروعته وروحانيته.

و"فقدة رمضان" واحدة من تلك العادات الرمضانية التي تستأثر بها مدينة نابلس دون غيرها، وباتت من الموروثات الثقافية والاجتماعية التي ورثها الأحفاد عن الآباء والأجداد، ومشهدًا سنويًّا يأبى الرحيل، مع محاولات تفتيت النسيج الاجتماعي، وتكالب الظروف وتغيرها، وانشغال الكثيرين بالدنيا والانغماس في مظاهرها.

وتلتقي "فقدة رمضان" مع تعاليم ديننا الإسلامي الذي أمر بصلة الرحم، فإنها صورة طبق الأصل عنها بمسمى نابلسي، تقوم على زيارة أرباب الأسر وكبارها من الذكور أرحامهم وتفقدهم، وتقديم الهدايا والمؤن والأموال، في صورة من صور صلة الأرحام التي ينادي بها ديننا الحنيف.

وإن كانت عادة "فقدة رمضان" اختلفت من حيث طبيعة الهدايا المقدمة قديمًا وحديثًا؛ فإنها مازالت تحمل المضمون نفسه، والمتمثل بصلة الرحم والتقارب الاجتماعي.

ويقول الحاج الثمانيني عبد القادر الخليلي وهو يتعكز على عصاه بعد أن بلغ من الكبر عتيًّا: "الفقدة هي عادة نابلسية رمضانية منذ عشرات السنوات، ودأب عليها الآباء والأجداد وتناقلتها الأجيال جيلًا بعد آخر، حتى بقيت حتى يومنا هذا".

وعن طبيعة الهدايا المقدمة للأرحام قديمًا وحديثًا يقول الخليلي: "قديمًا كنا نقدم لأرحامنا التمور والحلويات والكعك والمكسرات، وقطع القماش والمواد التموينية الأساسية داخل البيت، ولكن اليوم باتت الفقدة تتنوع بين الملابس والمواد التموينية ومبالغ مالية تقدم هبة لأرحامنا".

وعن أثر هذه العادة تقول الحاجة سعاد الجابي التي تسكن منطقة الجبل الشمالي: "المرأة تتباهى أمام عائلة زوجها، إذا ما دخل عليها رجل من الأرحام ليفتقدها خلال شهر رمضان المبارك، فهذه العادة تظهر قوة العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة الواحدة".

وتشير الحاجة الجابي إلى أن تلك العادة تراجعت عما كانت عليه في السابق، وتتابع: "في الماضي كان الرجل يزور أرحامه كافة بلا استثناء، أما اليوم فجزء كبير بات يقتصر على زيارته إلى شقيقاته دون بناتهن على سبيل المثال".

أما الفتاة العشرينية ضحى مقبول فهي ترى أن الفقدة لها وجهين: أولهما جميل، وثانيهما محزن، تقول: "من أروع اللحظات أن نجد الأجداد والآباء والإخوة والأبناء يقومون بزيارة الأرحام وتفقدهم، ولكن المحزن أن تلك الزيارة أصبحت لا تتكرر إلا مرة واحدة في العام".

الدكتور سعيد دويكات الداعية وأحد الوجوه الاجتماعية في مدينة نابلس يرى أن عادة الفقدة في مدينة نابلس هي ممارسة فعلية لمفهوم صلة الرحم، وتلتقي التقاء كاملًا مع هذا المصطلح، ويقول: "الإسلام مع كل عادة تزيد من أواصر المحبة والترابط والتكاتف داخل المجتمع الفلسطيني، والفقدة فيها الرحم وفيها الإعانة والتخفيف عن الأرحام، فضلًا عن البعد الأهم، ألا وهو التماسك الأسري".

ويتابع دويكات خلال حديثه لمراسل "فلسطين": "نحن بحاجة إلى غرس صلة الرحم في نفوس الأجيال، وبهذه العادة نضمن أن نحافظ على تعاليم ديننا الإسلامي وتوجيهاته، وإن بممارسات وعادات موجودة في التقاليد المجتمعية، فالطفل الصغير والشاب عندما يريان والدهما أو جدهما يزوران أرحامهما سيسيران على دربهما، دون شك".

ويحذر من أن تتحول هذه العادة الجميلة إلى ظاهرة مرهقة يشوبها البذخ تارة، أو المجاملات الممقوتة تارة أخرى.

وتصر نابلس مع مظاهر الحداثة على أن تبقى محافظة على كثير من عاداتها وتقاليدها، ولاسيما تلك المرتبطة بشهر رمضان المبارك، وبالأحرى المرتبطة بالنسيج الاجتماعي على شاكلة "الشعبونية" المرتبطة بشهر شعبان، التي تسبق شهر الصيام، و"فقدة رمضان" التي تستأثر بها المدينة دون غيرها.

اخبار ذات صلة