فلسطين أون لاين

تقرير يكتوون بنار الشوق.. أطفال الأسرى يعيشون اليتم وآباؤهم على قيد الحياة

...
غزة/ جمال غيث:

على الرغم من انقضاء ثلاثة أعوام على زيارة والده المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لا يزال الطفل محمد حرارة، يتذكر جيدًا الحضن الأخير الذي دام طويلًا ووالده يمسح جبينه ووجهه بعد أن انسكبت الدموع من عينه وهو ويقبله، ويردد: "لا تقلق يا بطل أنا بخير، دير بالك على حالك".

سرعان ما بدأت ضربات قلب الطفل محمد (11 عامًا) تتسارع، خلال استرجاعه ذكريات اللقاء الأخير الذي جمعه بوالده "هشام" المعتقل في سجن "النقب"، والذي يقضى حكمًا بالسجن 18 عامًا، متذكرًا اللقاء الأخير بوالده حينما ضمه إلى صدره بلهفة فرحًا بزيارته وهو يردد الله أكبر الله أكبر ما شاء الله كبرت يا محمد.

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي حرارة في 27 ديسمبر/ كانون أول 2015، من أمام حاجز بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة، خلال توجهه إلى مكان عمله في الضفة الغربية المحتلة، وقدمت محكمة الاحتلال لائحة اتهام مكونة من (٢٧) بندًا، وقضت بسجنه 18 عامًا خففت إلى 9 أعوام.

وبينما يمسك حرارة بشقيقتيه "إنجي، وإلين" خلال مشاركته في اعتصام، نظمته جمعية واعد للأسرى والمحررين، ومؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى، أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدينة غزة، أمس، يتساءل: "ما الذنب الذي ارتكبناه لنحرم زيارةَ والدي؟!"، فالاحتلال يتخذ من جائحة كورونا حجة له للتنغيص على الأسرى وأبنائهم.

ويقول حرارة، الذي يقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة: "أليس من الظلم أن يَحرِم الاحتلال شقيقتيّ "إنجي وإلين" زيارةَ والدش؟! مشيرًا إلى أن شقيقتيه اللتين لم تتجاوزا العشرة أعوام، تواسيان نفسيهما بالبكاء واحتضان وسادة والدي، وتقلِّبان بعض صوره يوميًّا، وهُن يرددن: "أين أنت يا أبي؟! ومتى ستعود؟!".

وتحرم قوات الاحتلال عائلة الأسير حرارة، وأهالي أسرى قطاع غزة، منذ آذار/ مارس الماضي، زيارة آبائهم بحجة جائحة كورونا.

مقابر الأحياء

ويسترجع "محمود وجمال، وجبريل" أطفال الأسير أكرم جودة، بعض الذكريات التي جمعتهم بوالدهم قبل ثلاثة أعوام، وهم يبتسمون، ليردَّ كبيرهم جبريل (13 عامًا): "كان دائمًا يلاعبني، ويمزح معي ويحترمني ويأخذني معه في أغلب مشاويره".

ويكمل جودة لـ"فلسطين" بعد أن سبقت البسمة كلمته: لما كان بابا يرجع من الشغل، كان يجيب إلنا حجات كتير، وكان يطعمينا بإديه، ويطششنا كل يوم، لكن بعد اعتقاله حرمنا من هذه الأشياء وغيرها الكثير.

ويقول جبريل إنه حين زار والده في سجن "نفحة"، وجد نفسه في غرفة العزل الزجاجي الذي يفصل الأسير عن أفراد عائلته، وشاهد دموع أشقائه الأصغر منه سنًا "محمود وجمال" في أثناء احتضانهم والده والدموع تنساب من أعينهم، ورفضا مغادرة غرفة الزيارة دون اصطحاب والدي، لكن بعد محاولات خرجا من الغرفة كارهين وهم يتلفتون خلفهم باعتقادهم أن والدي سيلحق بهم.

ويضيف بحزن، أن شقيقيه أخذا يبكيان ويصرخان أمام بوابة السجن، وعند صعودهم الحافلة خلال رحلة العودة إلى غزة، "لعدم حضور والدي معنا، فكانوا يبكون طوال الطريق وتحاول أمي تهدئتهم بأن أبي سيأتي يومًا إلينا ونلعب مع بعضنا بعضًا، وقد شاركتنا بدموعها".

وحثَّ العالمَ قائلًا: "أيها العالم نحن أيتام على قيد الحياة؛ فآباؤنا داخل مقابر الأحياء في سجون الاحتلال، وننتظر يوم حريته، فماذا أنتم فاعلون؟!"، متسائلًا: "أين العالم من حقوق الإنسان والأطفال والأسرى في فلسطين؟!".

ويدعو أحرار وشرفاء العالم إلى الوقوف بجانب الأسرى الذين يقبعون في سجون الاحتلال، وإنهاء معاناتهم، مطالبًا المقاومة الفلسطينية بإطلاق سراح الأسرى كي يلتقوا بأبنائهم.

وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو 4400 أسير فلسطيني بينهم (39) أسيرة، ومن بينهم نحو (160) طفلاً، ونحو (500) معتقل إداري، وفق إحصائيات رسمية.