أكد اختصاصيون اقتصاديون أن البوابة المصرية هي الخيار الإستراتيجي لتنمية الاقتصاد في قطاع غزة، عوضاً عن الاحتلال الذي يرهن حياة السكان، ويفرض حصاره لأسباب واهية، مؤكدين في الوقت ذاته ضرورة انعتاق الاقتصاد الفلسطيني من براثن الاقتصاد الإسرائيلي، ورفض اتفاق باريس الاقتصادي الذي شوه الاقتصاد الفلسطيني، ونهب المقدرات الفلسطينية.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، إن توريد السلع والبضائع عبر البوابة المصرية ضرورة لإمداد سكان غزة بما يحتاجون إليه دون أي عراقيل إسرائيلية، "فالاحتلال الذي يواصل حصاره لـ 15 عاماً لا يأبه بمعاناة الناس لأن ما يهمه فقط أن يحافظ على أمنه".
وأضاف عبد الكريم لصحيفة "فلسطين" أن مصر بحكم التقارب الجغرافي، والعلاقة الإستراتيجية خيار قوي لإمداد غزة باحتياجاتها من الوقود، والمواد الإنشائية، والسلع التموينية، وأن ذلك لا بد أن يترجم من خلال إقامة معبر تجاري بجانب معبر رفح البري.
وأشار إلى أنه في حال موافقة الاحتلال على ذلك فإنه لن يسمح أن تكون العلاقة بين مصر وغزة مباشرة دون أن يضع جهة ثالثة رقابية، أو يضمن من مصر عدم إدخال أصناف محددة من السلع والبضائع يعدها تمس أمنه.
وفي السياق قال عبد الكريم: كان هناك تفاؤل مصري أن يمنح الاحتلال القاهرة مساحة أكبر في العلاقة التجارية الاقتصادية مع قطاع غزة، وأن رسالة التفاؤل انطلقت من إدخال مصر الآليات والمعدات الثقيلة للمساهمة في إزالة ركام العدوان الأخير.
لكن هذه المساحة -حسب عبد الكريم- بدأت تضييق عندما ربطت (إسرائيل) شرط موضوع أسراها لدى المقاومة بغزة بإعادة إعمار المنشآت المدمرة، "حيث بدأنا نلاحظ أن الجهود المصرية بدأت تتعثر".
وعلى الرغم من تأكيد الاختصاصي أن البوابة المصرية هي الخيار الإستراتيجي لتنمية الاقتصاد في غزة وتساهم في الانفتاح العربي فإنه يعيق هذا الخيار أولاً الفيتو الإسرائيلي الذي لا يرغب بتطوير هذه العلاقة وبالتالي خشيته من أن تتمكن غزة من إدخال سلع ومنتجات في المنظور الإسرائيلي مضرة بأمنه، وثانياً تخوف السلطة من أن يؤدي هذا التقارب إلى إخراج غزة من عباءة السلطة، لذلك تؤكد السلطة لمصر أن يكون ملف إعادة الإعمار وفق السياق السياسي وعبر بوابة السلطة.
ويرى الاختصاصي الاقتصادي أن الاحتلال لن يفرط بورقة الحصار دون تسوية يعتقد أنها دائمة في التهدئة، والإفراج عن أسراه لدى المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة في دولة الاحتلال ترى من مصلحتها أن يبقى قطاع غزة على الوضع الراهن دون أي انفتاح خارجي.
من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب إن السلطة في رام الله في ظل حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة فلن تقبل لمصر أن تنفتح اقتصادياً على غزة، لأن ذلك يعني استقلالية قطاع غزة مالياً عن السلطة من جانب، ولأن السلطة لن تستفيد مالياً من عائدات الضرائب التي تجبيها عن البضائع الواردة عبر معبر كرم أبو سالم "أموال المقاصة"، التي تعتمد عليها بنسبة 60-70% في تغطية موازنتها الشهرية.
ويؤكد رجب في حديثه لصحيفة "فلسطين" ضرورة الانعتاق الاقتصادي الفلسطيني برمته من وطأة الاقتصاد الإسرائيلي، والتحرر من تبعات اتفاقية باريس الاقتصادية والتوجه نحو العمق العربي.
وتعد اتفاقية "باريس" جزءا لا يتجزأ من اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1994 لتنظيم العلاقة الاقتصادية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، على أن تنتهي الاتفاقية عام 1999.